Page 58 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 58

‫وأنزل به الهزيمة ‪ ،‬ففر أحمد بن كيغلذ ومعه بع أنصاره وذويه إلى برقة والغرب‬
‫حيث حاولوا الثأر لأنفسهم بالاتصال بالخليفة القائم بأمر الله الفاطمي ‪ ،‬وحرضوه على‬

                                                   ‫أخذ مصر وهونوا عليه أمرها ‪.‬‬
‫أما محمد بن طغج فقد وفد عليه في مصر رسول الخليفة العباسي يحمل إليه خلعة‬
‫الولاية فلبسها وقبل الأرض ‪ ،‬ثم أمر الخليفة الراضي العباسي بأن يزاد في ألقاب‬
‫محمد بن طغج لقب الإخشيد ‪ ،‬فدعى له بهذا اللقب على منابر مصر ‪ ،‬وأصبح لقبا‬
‫لهذه الأسرة التي حكمت مصر في ذلك الدور‪ .‬والإخشيد لفظ تركي معناه ملك الملوك ‪،‬‬
‫تلقب به ملوك فريانه مثلما تلقب ملوك الروم بلقب قيصر وملوك الحبشة بلقب‬
‫النجاشي‪ .‬ولما كان محمد بن طغج – كما سبق أن رأينا – ينحدر أصله من أتراك‬
‫فريانة ‪ ،‬فإن الخليفة العباسي عندما أراد أن يكرمه اختار له هذا اللقب الذي يتفق‬

                                                                          ‫وأصله‪.‬‬

                 ‫الإخشيد يقوى مركزه في مصر والشام‬
                       ‫‪..................................‬‬

‫كان من الطبيعي أن يواجه محمد بن طغج مقاومة عنيفة من جانب الماذرائيين ‪،‬‬
‫وهم الذين سيطروا على إدارة البلاد وجمعوا الكثير من ثرواتها – كما سبق أن رأينا –‬
‫وبالتالي فقد عارضوا ظهور أية قوة في مصر من شأنها أن تهدد كيانهم ومصالحهم‪.‬‬
‫وكان لموقف الماذرائيين من الإخشيد أثره في إحداث صدام بين الطرفين‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدام حظى الإخشيد بتأييد الوزير العباسي الفضل بن جعفر بن الفرات بسبب العداء‬
‫المستحكم بين الماذرائيين من ناحية وأسرة ذلك الوزير من ناحية أخرى‪ .‬ولم يتردد‬
‫الفضل بن جعفر في الحضور إلى مصر لمشراف بنفسه على تصفية نفوذ الماذرائيين‬

                                                                        ‫وأموالهم‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر ‪ ،‬فإن نجاح الإخشيد في التغلب على الماذرائيين والقضاء على‬
‫سطوتهم ‪ ،‬لم يترتب عليه تخلصه من منافسين أقوياء داخل البلاد فحسب ‪ ،‬بل مكنه‬
‫ذلك أيضاً من الحصول على أموال ضخمة نتيجة لمصادرتهم‪ .‬ولاشك في أن هذه‬
‫الأموال أفادت محمد بن طغج الإخشيد في بداية عهده ومكنته من تثبيت مركزه في‬

                                                               ‫مصر بسرعة فائقة‪.‬‬
‫على أنه إذا كان الإخشيد قد استطاع بسرعة تثبيت نفوذه داخل مصر ‪ ،‬فإن‬
‫الأخطار التي هددت سلطانه ظهرت دائماً على مسرح بلاد الشام ‪ ،‬وكان مصدرها‬

                                              ‫‪58‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63