Page 60 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 60

‫الهزيمة بواليها من قبل الإخشيد وهو بدر بن عبد الله ‪ ،‬ثم أخذ يستولى على مدنها‬
‫الرئيسية من حلب وحم شمالاً حتى الرملة في جنوب فلسطين ‪ ،‬في أواخر سنة‬

                                                                ‫‪ 327‬هـ ‪938 /‬م‪.‬‬

‫وعندما رفع محمد بن طغج شكواه إلى الخليفة العباسي اتضح أن الخلافة كانت‬
‫عندئذ أضعف من أن تتدخل لفظ نزاع مسلح بين اثنين من ولاتها‪ .‬لذلك لم يعد حل أمام‬
‫الإخشيد سوي منازلة ابن رائق ‪ ،‬فاستخلف على مصر أخاه الحسن ‪ ،‬وخرج على رأس‬
‫جيشه قاصداً الرملة ‪ ،‬في حين أرسل بع السفن إلى شواطئ الشام لتأييده من ناحية‬
‫البحر‪ .‬ولم يتعد الأمر عندئذ مناوشات خفيفة بين الفريقين سنة ‪ 328‬هـ ‪939 /‬م ‪ ،‬ثم‬
‫تدخل بعدها الأمراء لعقد صلح بينهما ‪ ،‬ووافق الإخشيد بمقتضاه على أن تكون طبرية‬

                                           ‫وما يقع شمالها من بلاد لمحمد بن رائق‪.‬‬

   ‫ولكن لم يكد محمد الإخشيد يصل إلى الفسطاط حتى بلغه أن ابن رائق قد نق‬
‫الصلح ‪ ،‬وأنه بارح دمشق متجهاً صوب حدود مصر ‪ ،‬فعاد الإخشيد مسرعاً ليلتحم مع‬
‫جيش ابن رائق في موقعة حامية عند العريش ‪ ،‬انكسر فيها جيش محمد بن رائق‬
‫وأسر خمسمائة من رجاله وعاد راجعاً إلى دمشق‪ .‬أما الإخشيد فقد قتل أخوه حسين‬
‫أثناء مطاردته ابن رائق ‪ ،‬فما كان من الأخير إلا أن حفظ جثته وأرسلها صحبة أخيه‬
‫إلى الإخشيد معتذراً معزياً ويحلف له أنه ما أراد قتله ‪ ،‬وأنه أرسل ابنه مزاحماً‬
‫ليفتديه بالحسين بن طغج إن احب الإخشيد ذلك ‪ .‬وكان أن أكبر الإخشيد هذا التصرف‬
‫من جانب ابن رائق ‪ ،‬الأمر الذي يسر عقد الصلح بين الطرفين على أن تكون مصر‬
‫حتى الرملة لمخشيد ‪ ،‬الذي تعهد بأن يدفع في كل سنة مائة وأربعين ألف دينار لابن‬

                          ‫رائق‪ .‬أما باقي الشام – شمالي الرملة – فيكون لابن رائق‪.‬‬

‫وبعد قليل جاءت الأخبار سنة ‪ 329‬هـ ‪940 /‬م بوفاة الخليفة الراضي العباسي‬
‫وقيام أخيه المتقي بأمر الخلافة‪ .‬وقد أقر الخليفة الجديد محمد ابن طغج الإخشيد على‬
‫مصر ‪ ،‬الأمر الذي زاد من ثبات مركزه ‪ ،‬في الوقت الذي أتيحت الفرصة لابن رائق‬
‫ليعود إلى شغل منصب أمير الأمراء‪ .‬ولكن ابن رائق لم يهنأ طويلاً بمنصب إمرة‬
‫الأمراء ‪ ،‬إذ قتل بعد قليل ‪ ،‬وعندئذ رأى الإخشيد فرصته سانحة ليسترد بلاد الشام‬
‫فخرج إليها مسرعاً سنة ‪ 330‬هـ ‪941 /‬م ودخل دمشق وأصلح أمورها ولم يعد‬
‫إلى مصر إلا بعد أن ثبت نفوذه في بلاد الشام‪ .‬ولا أدل على قوة مركز الإخشيد في ذلك‬
‫الدور من أنه ما كاد يعود إلى مصر حتى أخذ البيعة على المصريين لابنه أبي القاسم‬
‫أنوجور وعلى جميع القواد والجند ‪ .‬ومعنى ذلك أن محمد بن طغج الإخشيد بدأ يتخذ‬

      ‫من الخطوات ما هو كفيل بتأسيس أسرة حاكمة بحيث يرثه أبناهه في حكم مصر‪.‬‬

                                              ‫‪60‬‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65