Page 192 - merit 49
P. 192

‫العـدد ‪49‬‬                            ‫‪190‬‬

                                                          ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬                    ‫عصام الزهيري‬

  ‫الإمبراطوريتين الإنجليزية‬      ‫نية «محمد علي»‬           ‫أتجهت‬
  ‫والفرنسية اللتين لا تخفى‬    ‫من اللحظات الأولى‬
  ‫أطماع كل منهما في احتلال‬     ‫لتنصيبه واليًا على‬            ‫كيف قضى «محمد على» على سلطة‬
                                                                 ‫«مشايخ الوقت»؟‬
     ‫مصر‪ ،‬بسبب ما بينهما‬           ‫مصر ‪-‬وربما‬
     ‫من حروب داخل القارة‬        ‫من قبل ذلك‪ -‬إلى‬
    ‫الأوروبية‪ ،‬ومنافسة كل‬
  ‫منهما للأخرى على الجناح‬          ‫الانفراد بحكم‬
  ‫الشرقي من الإمبراطورية‪،‬‬     ‫مصر‪ ،‬والتحول بها‬
 ‫في ظل حالة من الضعف أو‬
  ‫ما يشبه «الموت السريري»‬        ‫من وضع «الباشويه» أو‬
‫الذي اعترى الدولة العثمانية‬     ‫«الإيالة» الملحقة بالسلطنة‬
   ‫واستمر لأكثر من قرنين‪.‬‬     ‫العثمانية؛ إلى وضع مستقل‬
‫وكان لهذه المنافسة المشتعلة‬
                                    ‫على غرار الولايات أو‬
        ‫بين الإمبراطوريتين‬       ‫الوجاقات المغربية‪ .‬وبعد‬
   ‫الغربيتين فضل في الإبقاء‬     ‫سنوات الاضطراب الأولى‬
                                  ‫في حكم «الباشا» والتي‬
       ‫على «الرجل العثماني‬    ‫انتهت بفشل حملة «فريزر»‬
    ‫المريض» على قيد الحياة‪.‬‬     ‫الإنجليزية (سنة ‪1807‬م)‬
                               ‫على الإسكندرية في احتلال‬
       ‫في ظل هذا الوضع لم‬        ‫مصر‪ ،‬أفرزت نية «محمد‬
    ‫تكن القوة الانجليزية ولا‬  ‫علي» مجموعة من الحسابات‬
    ‫الفرنسية ‪-‬بعد فشل كل‬         ‫السياسة المعقدة خارجيًّا‬
‫منهما في احتلال وضم مصر‬
    ‫لأملاكهما على التعاقب‪-‬‬                      ‫وداخليًّا‪.‬‬
     ‫معنيتين بالتحالف الذي‬      ‫في الخارج دارت حسابات‬
‫طمح والي مصر «محمد علي»‬         ‫«محمد علي» حول الوضع‬
    ‫إلى الوصول إليه مع كل‬      ‫الدولي المتشابك وصراعات‬
 ‫منهما‪ .‬كان رهانه السياسي‬
 ‫يعتمد على استغلال المنافسة‬           ‫القوى المتداخلة من‬
     ‫بين الامبراطوريتين من‬        ‫حول مصر وفي المنطقة‬
                               ‫والعالم‪ .‬على رأسها حساب‬
      ‫جهة‪ ،‬والخلاف بينهما‬          ‫الإمبراطورية العثمانية‬
   ‫وبين العثمانيين من جهة‬         ‫التي تملك سيادة إسمية‬
‫أخرى‪ ،‬في الظفر بمبتغاه عبر‬       ‫على مصر‪ ،‬وقد عمل على‬
‫حسابات المصالح والتحالفات‬
                                     ‫الانفصال عنها ببناء‬
       ‫المتداخلة‪ .‬وكان رجال‬      ‫سلطته المالية والعسكرية‬
 ‫الامبراطوريتين يستشعران‬
                                   ‫«المصرية» المستقلة من‬
   ‫القلق بالفعل من تحركات‬       ‫طرف‪ ،‬ومن الطرف الآخر‬
 ‫«محمد علي»‪ ،‬فحسب رسالة‬
                                    ‫عمل على التقرب إليها‬
     ‫كتبها القنصل الفرنسي‬         ‫عبر الوساطات والهدايا‬
   ‫بالإسكندرية‪ ،‬دارت حول‬         ‫والرشى أو بـ»البراطيل»‬
‫مفاوضات استرداد الأسرى‬            ‫و»الجعالات» حسب لغة‬
                                  ‫ذاك العصر‪ .‬ثم حساب‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197