Page 194 - merit 49
P. 194
العـدد 49 192
يناير ٢٠٢3 تبقي حينئذ على حياته وتترك
له أمواله ،بينما يجرده الباب
بسبب اتصاله ببكوات الوراثية وجعل إيالة مصر
المماليك ودعمه المباشر لهم منحصرة في أولاده من بعده العالي من أمواله وينتزع
في الانقلاب على حكم الباشا في حال إنفاذ الباشا «جي ًشا منه حياته»( .)6لكن استجابة
المصري. خير ًّيا» (يعني جهاد ًّيا) “الباشا” لتلك التحديات
خلال مناورات المماطلة لمقاتلة الوهابيين في الجزيرة دارت داخليًّا حول تنفيذ
واسترداد المشاعر الإسلامية عدد من المهام الضرورات،
والتسويف في الحملة المقدسة .وكان «محمد علي» عسكر ًّيا وسياسيًّا وإدار ًّيا،
الوهابية التي قام بها «محمد
قد مارس ضغ ًطا قو ًّيا عن وكان منها تحصين
علي» لأربع سنوات تقريبًا طريق التلكؤ فيه ،لأن «واقعة الإسكندرية في مواجهة أي
قبل سنة 1811م ،كان احتمال للتدخل العسكري
الحرمين» حسبما ذكر في من قبل القوى الإمبراطورية
بوسعه أن يستعين بالمشايخ رسالة للباب العالي« :ليست الثلاثة المتنافسة ،وبناء قوة
المصريين كي يؤكد للباب جيشه الأساسية في مصر
العالي صدق موقفه وخلوه من المسائل التي يمكن
إنجازها بالاعتماد على جهدي وزيادة أعدادها ،وتمويل
من المناورة ،فحسب المؤرخ وحدي ،بل هي مادة جسيمة حروبه ضد المماليك حتى
«الجبرتي»« :فعمل الباشا يتمكن من بسط سلطان
ديوا ًنا جمع فيه الدفتردار تتطلب إمداد السلطان ملاذ دولته على صعيد مصر ،وهي
والمعلم عمر غالي والسيد العالم ،بإرسال عشرة آلاف الحروب التي لم تنت ِه قبل
عمر مكرم والمشايخ ،وقال كيس ع ًّدا ونق ًدا ،غير المهمات مذبحة المماليك الشهيرة في
القلعة سنة ،1811ثم إنجاز
لهم :لا يخفاكم أن الحرمين وما إليها»( .)7كانت علاقة تسلحه بأسطول بحري في
استولى عليها الوهابيون، الباشا بالسلطان العثماني البحر الأحمر الذي يكفل
ومشوا أحكامهم بهما، خلال سنوات حكمه الأولى تحقيق هدفين :الأول وضع
وقد وردت علينا الأوامر
السلطانية المرة بعد المرة عرضة للتوتر الدائم في يده على شريان تجاري
للخروج إليهم ومحاربتهم ملفات متشابكة ،منها تمسك مهم وتأمين موارد موانيه،
وجلائهم وطردهم عن الباشا بالإسكندرية وضمها
الحرمين الشريفين .ولا والثاني تنفيذ حملته على
تخفى عنكم الحوادث إلى باشويته ،وكانت من الوهابيين في الجزيرة العربية
والوقائع التي كانت سببًا قبل يتم تعيين واليها عن
في التأخير عن المبادرة في طريق السلطان مباشرة، تحت ضغط وإلحاح شديد
ومنها ملف تصدير الغلال من الباب العالي العثماني،
امتثال الأوامر ،والآن حصل المصرية التي مارست فيها وبعد أن بسط الوهابيون
الهدوء ،وحضر قابجي باشا الإمبراطوريات الثلاثة حرب نفوذهم هناك لمدة عشرين
بالتأكيد والحث على خروج نفوذ بسبب القحط المناخي
الذي أصاب محاصيل حوض عا ًما متصلة.
العساكر وسفرهم .وقد المتوسط آنئ ٍذ ،ولم تظفر من هذا الباب الأخير -الحملة
حسبنا المصاريف اللازمة تركيا بحبة من غلال ولايتها
في هذا الوقت ،فبلغت أربعة المصرية لأن الباشا أصر على المصرية على الوهابيين-
وعشرين ألف كيس .فاعملوا بيعه لإنجلترا بأعلى سعر تمكن «محمد علي» من الظفر
رأيكم في تحصيلها .فحصل معروض .كان من بين تلك
ارتباك واضطراب ،وشاع الملفات أي ًضا مطلب «محمد بالانفراد بحكم مصر،
ذلك في الناس ،وزاد بهم حين اضطر الباب العالي
الوسواس ،ثم اتفقوا على علي» بصرف «سليمان العثماني للوعد بالباشوية
باشا» والي الشام عن إيالته