Page 24 - merit 49
P. 24

‫العـدد ‪49‬‬   ‫‪22‬‬

            ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

               ‫الجريمة في الكتابة فوق كل شيء‪ ،‬وما إنتاجه‬
                       ‫المتمرد إلا دليل على تعطشه إلى البقاء‪،‬‬

                   ‫فالقدرة على القتل والإذلال تنتشل النفس‬
                      ‫من براثن العدم‪ ،‬وتقود الثملين برؤية‬
                        ‫الدمار الكلي إلى نشوة الوجود وفرح‬
                                                 ‫الكينونة‪.‬‬
                             ‫لا يعلو الماركيز دو ساد على ما‬
                            ‫هو أخلاقي ومنطقي فقط‪ ،‬وإنما‬
                         ‫تتجاوز رغبته في التدمير والاعتداء‬
                          ‫على الطبيعة وقوانين الكون‪ ،‬وهذا‬
                         ‫ما يش ّرع قوة لا متناهية ليس فقط‬
                        ‫لفناء الآخرين‪ ،‬وإنما يكون مشرو ًطا‬
                         ‫بإفناء الذات أي ًضا‪ ،‬وهذا ما لا يقدر‬
                            ‫الإنسان عليه في مجابهته لقوى‬
                           ‫الطبيعة ومحاولة السيطرة عليها‪،‬‬
                       ‫لكن الماركيز دو ساد أراد المضي أكثر‬
                        ‫في السحر المنبعث من الخطيئة‪ ،‬وهذا‬
                          ‫الاختراق هو تح ٍّد جريء وواضح‬
                            ‫لمواجهة الشر الميتافيزيقي‪ ،‬فهي‬
                            ‫من جهة رغبة مستترة لا واعية‬
                           ‫لأن يعلن الله عن نفسه‪ ،‬أو يكون‬
                             ‫الإنسان مال ًكا لهذه الطبيعة بلا‬
                              ‫منازع بإرادة القوة والتدمير‪.‬‬
                         ‫إن أناشيد مالدورور أي ًضا للشاعر‬
                            ‫الفرنسي لوتريامون هي هروب‬
                      ‫خارج نطاق الكينونة‪ ،‬واعتداء مسعور‬

                   ‫على نواميس الطبيعة تجسدت في ابتهالات‬
                   ‫شريرة يعتريها اليأس من عدالة الرب‪ ،‬إن‬
            ‫الغاية التي تنادي بها الأناشيد هي قلق مالدورور‬
              ‫الدائم من فكرة أن الله عدوه‪ ،‬فالأناشيد تتغنى‬
                ‫بقداسة الجريمة وتبشر بسلسلة من الجرائم‬

                                                 ‫العظيمة‪.‬‬

            ‫التمرد الرومانسي ومجادلة الإله‬

‫ألبير كامو‬          ‫يستشهد ألبير كامو في التمرد الرومانسي‬
            ‫بقصيدة الشاعر الإنجليزي جون ميلتون‪ ،‬والمسماة‬

             ‫بالفردوس المفقود‪ ،‬وهي قصيدة ترمز إلى مأساة‬
                   ‫الصراع بين الشيطان والموت‪ .‬إن الموت مع‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29