Page 98 - merit 49
P. 98
العـدد 49 96
يناير ٢٠٢3
ولكن عندما حضرت هذه المرة برفقة والدتها كانت الذي يغيظه أحيا ًنا هو وجود بعض الحشرات التي
تبدو أكثر سعادة من ذي قبل ،وقد تحدثا كثي ًرا حتى يتفاجأ بها تتجول في صفحات كتبه الكثيرة ،سواء
تلك التي يحتفظ بها في الصندوق الخشبي الكبير،
خارج الموضوع ،فقد كانت اأسئلة الأم تنم عن أنها
تبحث عن شيء بعينه في حياتهما ،بينما راحت ابنتها أم تلك المتناثرة حول فراشه البسيط ،وحتى تلك
التي ُص َّفت بشيء من العناية على عتبة النافذة .كانت
تحاول التشبث بعينيه طيلة المدة ،وكأنها علمت ما الجرائد بلغات أجنبية مختلفة تتكوم في زاوية الغرفة
دار بينهما من حديث قبل أسبوع .كان من حسن حظ
اليمنى ،يستل إحداها لتشاركه الطعام ك ُسف َرة لهذا
الجميع أنه لم يحضر ضيوف إلى ديوان الشيخ ذلك اليوم ،فإذا لم يكمل قراءتها حظيت بفرصة المصاحبة
اليوم مما وفر لهما شيئًا من العزلة.
معه لفطور وربما لغداء اليوم التالي.
عندما ه َّم الاثنان بالمغادرة رفضت الأم أن تعتقهما زاره شاب أسمر اللون بشفاه متيبسة من كثرة ما
قبل تناول طعام الغداء الذي على ما يبدو قد أُ ِع َّد تعرض للشمس ليخبره بأن الشيخ يطلب حضوره
سل ًفا .أخبرا جلساءهما بعزمهما الرحيل في إلى داره بالسرعة الممكنة ،ويحضر معه الدكتور الذي
عنده كي يعالج ابنته المريضة منذ أُسبوع ،وعندما
القريب العاجل بعد أن أكمل الدكتور بحثه ،أما ه َّم بأن يوضح للزائر بأن ضيفه طالب دكتوراة في
هو فقد ك َّثف من متابعته لأخبار العالم لغاية في الأدب العربي وليس في الطب ،تذكر أنه لا يمكنه هو
نفسه« .غرق عبَّارة تحمل خمسمئة مهاجر في البحر أو شيخه تق ُّبل هذه الفكرة بتا ًتا ،لذا عليهما التسليم
المتوسط ..ف ْق ُد ألف شخص كانوا على متن سفينة بالأمر الواقع وتلبية الدعوة ،وفي الطريق تدابرا في
تروم عبور الأطلسي باتجاه أرخبيلات أستراليا.. كيفية معالجة هذا المأزق ،فكان أن أقنع زميل ُه بأن
الدرك اليوناني يقتل مئة مهاجر غير شرعي حاولوا يتقمص دور الدكتور ويباشر بفحص المريضة ،بينما
النزول على شاطئ قبرص ..إلقاء القبض على مافيا هو يتقمص دور المساعد ،وقد أنجزا المهمة على أفضل
لتهريب البشر في أندونسيا ،”..كانت هذه الأخبار وجه بعد أن اكتشفا بسهولة أن بنت الشيخ كانت
التي ينقلها له المذياع مدعاة لاهتمامه ،بينما كانت تشعر بالعزلة وتسعى لرؤيتهما والتعرف عليهما
مشمئزة بالنسبة لكل من يشاركه الاستماع لتلك والتحدث معهما عن قرب ،وقد كانت ذكية إلى درجة
أنه تحقق لها ما أرادت وبدون أي أعراض جانبية
في منطقة يعد حديث الفتاة مع شاب ضر ًبا من
المستحيل.
عادا مسا ًء إلى مخدعهما بعد تناول وجبة دسمة في
ديوان الشيخ.
-لماذا لا تف ِّرغ لها جز ًءا من وقتك؟
-أمرها لا يعنيني.
-ولكنها جميلة وشفافة وعيناها تنمان على أنها
تستحق التضحية.
-وغير متعلمة.
-المثقفة تملأ بيتك ضجي ًجا!
-سبق أن أخبرتك أني أحلم بشاطئ أتكئ عليه
وليس إ َّل.
شعر رفيقه باطمئنان وراحة بال بعد أن علم ما يكنه
بداخله تجاه الفتاة ،كانت الزيارة الثانية أكثر رسمية،
وتعمد الاثنان طلب الإذن بمحادثة الفتاة أمام والدها،