Page 158 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 158

‫العـدد ‪33‬‬                              ‫‪156‬‬

                                ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬                        ‫هي «مخطط جيوسياسي»‪.‬‬
                                                                   ‫(راجع حسن ‪ ،2001‬ص‪3‬‬
  ‫عملي لولا التحليل والتحليل‬      ‫بشكل خاطئ في الممارسات‬         ‫في ما بعد الحداثة ضد ما بعد‬
                ‫الاستهلالي‪.‬‬     ‫الفكرية؟ إن الرغبة (الروائية)‬
                                                                       ‫العصرنة) كتب سعيد‪:‬‬
  ‫فيما يميز سعيد بين البداية‬         ‫اللاواعية التي ألمح إليها‬          ‫إحدى النقاط المركزية‬
  ‫والأصل‪ ،‬فإنه ُيؤطر ضمنًا‬      ‫سعيد هي رغبة محددة‪ ،‬لأنها‬              ‫التي قدمته بدايات هي‬
                                                                      ‫أن الحداثة كانت ظاهرة‬
      ‫البداية في إطار النشوة‬      ‫الرغبة في «محاكاة عمليات‬           ‫جمالية وأيديولوجية وقد‬
     ‫‪( jouissance‬المتعة)(‪:)7‬‬       ‫الحياة المتمثلة في التناسل‬     ‫أتت استجاب ًة لأزمة ما يمكن‬
‫البداية هي في الأساس نشاط‬                                              ‫تسميتها عملية الترابط‬
     ‫يتضمن العودة والتكرار‬               ‫والازدهار والموت»‪.‬‬              ‫‪-‬الخطي‪ ،‬ذو الأسس‬
     ‫بد ًل من الإنجاز الخطي‬            ‫فيما يلي بعض الأمثلة‬           ‫البيولوجية‪ -‬التي تربط‬
   ‫البسيط‪ ،‬أي البداية والبدء‬    ‫الأخرى من مقدمة عام ‪1975‬‬              ‫الأطفال بوالديهم والتي‬
 ‫مرة أخرى تأريخية في حين‬         ‫التي تفسر انخراط سعيد في‬           ‫أنتجت أزمة مضادة داخل‬
‫أن الأصول إلهية‪ ،‬وأن البداية‬    ‫التحليل النفسي‪« :‬حتى عندما‬             ‫حداثة الانتماء‪ .‬أي تلك‬
‫لا َت ْخل ُق فحسب بل هي ذاتها‬    ‫يتم قمعها‪ ،‬فإن البداية دائ ًما‬    ‫العقائد والفلسفات والرؤى‬
‫طريقتها الخاصة لأن لها نية‪.‬‬       ‫ما تكون مستهل (باستثناء‬        ‫التي تعيد تجميع العالم بطرق‬
   ‫باختصار البداية هي خلق‬         ‫حالات نادرة) يتبعها شيء‬             ‫جديدة غير عائلية‪ ..‬غير‬
   ‫الاختلاف أو إنتاجه‪ ،‬لكن‪..‬‬    ‫ما»‪ .‬وف ًقا لفرويد‪ ،‬فإننا نقمع‬      ‫أنه إيديولوجيًّا واجتماعيًّا‪،‬‬
  ‫الاختلاف هو نتيجة الجمع‬          ‫دون وعي الأفكار التي لا‬          ‫صعود النقابات والأحزاب‬
 ‫بين المألوف ُمسب ًقا والحداثة‬    ‫تتوافق مع الأنا كشكل من‬        ‫السياسية والرابطات والدولة‪،‬‬
   ‫الخصبة للعمل البشري في‬           ‫أشكال الدفاع (ص‪)22‬؛‬           ‫بشكل شبه‪ -‬أبوي ولكن ذو‬
                                   ‫نحن نفعل هذا دون وعي‬           ‫تبعية لسلطات منظمة‪ ،‬تعتبر‬
                      ‫اللغة‪.‬‬    ‫من أجل تقليل أو القضاء على‬       ‫ظاهرة موازية‪ ،‬حتى لو كانت‬
      ‫هل تعني البداية عودة‬                                       ‫نتائجها وأبعادها بعيدة المدى‬
    ‫(المكبوت)‪ ،‬وبالتالي فشل‬         ‫حالة «عدم الاستمتاع»(‪)6‬‬           ‫ومتنوعة أكثر بكثير من‬
      ‫دفاعات الأنا؟ ألا تشير‬     ‫‪( unpleasure‬ص‪ )22‬التي‬               ‫النسخ الجمالية للانتماء‪.‬‬
  ‫البداية كالتكرار (أو البدء‪-‬‬                                       ‫ما هو التحليل النفسي إن‬
       ‫مرة أخرى) إلى نشوة‬           ‫تنشأ من «القوى العقلية‬          ‫لم يكن نتاج هذه الظواهر‬
  ‫‪ jouissance‬ماسوشية في‬           ‫المتعارضة» (ص‪ .)24‬ومع‬               ‫الجمالية والأيديولوجية‬
  ‫مواجهة محرك دافع الموت؟‬          ‫ذلك‪ ،‬فإننا في هذه العملية‬       ‫الحداثية لل ُبن ّوة‪ /‬البنيوية(‪)5‬‬
   ‫(راجع لاكان‪ ،‬ص‪ )53‬هل‬                                           ‫(‪af)filiation‬؟ ما هو الآخر‪،‬‬
 ‫«نية» البدء هي نية لا واعية‬         ‫نستبدل الفكرة المكبوتة‬        ‫في نظام الترميز‪ ،‬إن لم يكن‬
‫شبيهة برغبة (الآخر)؟ ما هذا‬           ‫بـ»ال َع َرض»‪( .‬ص‪)26‬‬         ‫هذه «السلطات شبه الأبوية‬
 ‫«الاندماج» سوى «اندماجية‬                                           ‫ذات التبعية المنظمة» حيث‬
   ‫الدال» “‪combinatory of‬‬               ‫البدايات هي َعر ّضية‬        ‫يرتبط «التأليف والخاصية‬
    ‫‪”the signifier‬؟ (لاكان‪،‬‬                 ‫‪Symptomatic‬‬                ‫الأبوية والسلطة» م ًعا؟‬
       ‫ص‪ .)544‬هل يحدث‬                                             ‫وماذا سنفعل من هذا الآخر‪،‬‬
   ‫«الاختلاف» أو يتم إنتاجه‬           ‫بالعودة إلى سعيد‪« :‬إذا‬          ‫«الآخر» الذي تم تمثيله‬
 ‫بالشروع باختلاف جنسي؟‬           ‫افترضنا وجود البدايات هنا‬
    ‫ألا يشير القول إن البداية‬   ‫وهناك للفنان والناقد التأملي‪،‬‬
     ‫«تأريخية» إلى «سأكون‬
   ‫[موضوع] مستقبل سابق‪،‬‬             ‫والفيلسوف‪ ،‬والسياسي‪،‬‬
                                ‫والمؤرخ‪ ،‬والباحث في التحليل‬
                                ‫النفسي‪ ،‬فإن دراسة البدايات‬
                                ‫يمكن بسهولة أن تصبح كلها‬

                                  ‫كتالوج لحالات اللانهائية»‪.‬‬
                                   ‫وبالتالي لن يكون التحليل‬
                                    ‫النفسي موجو ًدا كتطبيق‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163