Page 170 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 170

‫العـدد ‪33‬‬                            ‫‪168‬‬

                                ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬                       ‫الشمس‪ .‬أن الأرض كوكب‬
                                                                    ‫يدور حول محوره مرة‬
‫الحاكمة عبر التاريخ‪ .‬وحتى ما أسماه كانط بالظاهرة‬
‫‪ ،phenomenon‬الشيء كما‬           ‫بعد تغير الحكم في فترة‬           ‫واحدة يوميًّا‪ ،‬بالإضافة إلى‬
‫الثورات السياسية مثل الثورة يبدو للمراقب‪ .‬على الرغم‬            ‫الدوران حول الشمس سنو ًّيا؛‬
  ‫من أن ‪ noumenal‬يحمل‬              ‫الفرنسية‪ ،‬لكن لم تحصل‬
   ‫محتويات العالم المعقول‪،‬‬       ‫تغييرات جذرية في العلاقات‬       ‫وتلك التغييرات البطيئة ج ًّدا‬
 ‫ادعى كانط أن العقل التأملي‬                                    ‫في اتجاه هذا المحور مسؤولة‬
 ‫للإنسان يمكنه فقط معرفة‬                  ‫المادية بين البشر‪.‬‬
  ‫الظواهر ولا يمكنه اختراق‬            ‫قراءة ألتوسير للتحليل‬            ‫عن بداية الاعتدالات‪.‬‬
‫‪ noumenon‬أب ًدا‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬       ‫الماركسي التقليدي تف َّرق بين‬   ‫‪ -14‬لا يقتصر على شيء أو‬
 ‫فإن الإنسان ليس مستبع ًدا‬          ‫جهاز الدولة‪ ،‬وهو عبارة‬
  ‫تما ًما من ‪ noumenal‬لأن‬        ‫عن مؤسسة قمعية مركزية‪،‬‬           ‫شخص معين؛ بل تتجاوز‬
‫العقل العملي ‪-‬أي القدرة على‬        ‫وحكم الدولة‪ ،‬وهو عبارة‬                           ‫الفرد‪.‬‬
‫التصرف كعامل أخلاقي‪ -‬لا‬          ‫عن نقطة صراع بين الدولة‬
 ‫معنى له ما لم يتم افتراض‬       ‫والشعب الذي يحاول التحرر‬                   ‫‪ -15‬الاستجواب‬
                                 ‫من القمع‪ .‬لقد رأى ألتوسير‬        ‫‪ interpellation‬من وجهة‬
     ‫عالم ‪ noumenal‬حيث‬          ‫أن الرؤية الماركسية التقليدية‬      ‫نظر الفيلسوف الفرنسي‬
      ‫الحرية والله والخلود‪.‬‬     ‫غير كاملة‪ ،‬لأنه لا يوجد حكم‬
 ‫‪ -17‬فرديناند دي سوسور‬          ‫في العالم يستطيع الاستمرار‬           ‫لويس ألتوسير ‪Louis‬‬
‫‪Ferdinand de Saussure‬‬                ‫بالقمع فقط‪ .‬انطلا ًقا من‬   ‫‪ ،Althusser‬الاستجواب هو‬
    ‫(‪ 1913 -1857‬جنيف)‬            ‫افتراض الفيلسوف الإيطالي‬       ‫الأساس المادي للأيديولوجيا‬
‫الباحث السويسري المعروف‬          ‫أنطونيو جرامشي إن الحكم‬         ‫في كل زمان وفي كل مكان‪،‬‬
                                ‫يستمر عن طريق هيمنة‬
‫أفكار الحكام‪ ،‬ألتوسير اقترح على نطاق واسع بأنه مؤسس‬                   ‫ويتأسس عبر طقوس‬
‫علم اللغة التنظري الحديث‪،‬‬       ‫أن هذه الهيمنة تأسس‬            ‫وممارسات تك ِّون شخصيات‬
‫داخل مؤسسات نستطيع وف ًقا لسوسور فإن إشارات‬
      ‫اللغة تعسفية بمعنى أن‬        ‫تسميتها بـ»أجهزة الدولة‬             ‫خاضعة‪ .‬بمعنى أدق‪،‬‬
   ‫العلاقة بين تمايزها المادي‬      ‫الأيديولوجية»‪appareils‬‬           ‫الاستجواب يجعل الفرد‬
 ‫والرمزي عن بعضها البعض‬             ‫‪idéologiques d’État‬‬           ‫خاض ًعا للحكم‪ ،‬لأنه يطلب‬
 ‫ليس له أسباب أخرى سوى‬                                         ‫منه الاعتراف بوجود الحاكم‪،‬‬
                                         ‫المدارس والسجون‬             ‫ويمنعه في نفس الوقت‬
     ‫العرف‪ .‬نظرية سوسور‬         ‫والجوامع والمحاكم والبيوت‬            ‫من التفكير في العلاقات‬
    ‫هي المبدأ القائل بأن اللغة‬  ‫والنقابات الرسمية والإعلام‬     ‫والصراعات المادية اللي جعلت‬
    ‫هي نظام من الإشارات‪/‬‬                                         ‫الحاكم موجو ًدا‪ .‬من ناحية‪،‬‬
 ‫رموز‪ ،‬وأن كل إشارة تتكون‬             ‫والمؤسسات الثقافية‪..‬‬         ‫الاستجواب هو الاعتراف‬
   ‫من جزأين‪ :‬دال ‪signifier‬‬        ‫كلها نماذج لأجهزة الدولة‬       ‫الشخصي الجسدي بوجود‬
   ‫(الكلمة‪ ،‬أو النمط صوتي)‪،‬‬        ‫الأيديولوجية‪ ،‬لكن عكس‬           ‫الحكم‪ ،‬ومن ناحية ثانية‪،‬‬
‫ومدلول ‪( signified‬مفهوم)‪.‬‬         ‫جهاز الدولة المركزي الذي‬      ‫هو الاغتراب الفكري الخيالي‬
   ‫وقد أسس البنيوية في علم‬                                        ‫عن العالم المادي الذي رفع‬
    ‫اللغة ‪Structuralism in‬‬             ‫يعمل بالعنف‪ ،‬أجهزة‬
‫‪ linguistics‬القائلة بأن اللغة‬     ‫الدولة الأيديولوجية تعمل‬                   ‫الحاكم للحكم‪.‬‬
‫هي بنية علائقية قائمة بذاتها‪،‬‬      ‫بالأيديولوجيا‪ ،‬أي تح ِّول‬         ‫في مقال «الأيديولوجيا‬
  ‫وتستمد عناصرها وجودها‬           ‫الشعب لمجموعة أشخاص‬          ‫وأجهزة الدولة الأيديولوجية»‬
‫وقيمتها من توزيعاتها‬            ‫خاضعة للحكم بالاستجواب‪.‬‬         ‫ع َّمق ألتوسير تحليل ماركس‬
                                ‫‪ noumenon -16‬باللاتينية‪،‬‬           ‫للدولة والأيديولوجيا‪ .‬في‬
                                    ‫جمعها ‪ noumena‬تعني‬           ‫التحليل الماركسي التقليدي‪،‬‬
                                ‫في فلسفة إيمانويل كانط‬             ‫الدولة عبارة عن آلة قمع‬
‫وتعارضاتها في النصوص أو‬         ‫(الشيء في ذاته) (‪das‬‬               ‫في أيدي الطبقات الحاكمة‬
‫‪ )Ding an sich‬على عكس الخطاب‪.‬‬                                   ‫تفرض سيطرتها على الشعب‬
                                                                  ‫والطبقات المستضعفة‪ ،‬كما‬
                                                                  ‫أن الصراع السياسي كان‬
                                                                   ‫دائ ًما يتم لصالح الطبقات‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175