Page 164 - merit 51
P. 164

‫العـدد ‪51‬‬                                     ‫‪162‬‬

                                                              ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬                                    ‫عبد الرحيم طايع‬

‫مع أفكاري الخاصة انسجا ًما‬      ‫أقول إن المغنين هم‬            ‫كنت‬
  ‫تا ًّما في كل مرحلة؛ فالأولى‬    ‫الأشهر في العالم‪،‬‬
   ‫وافقت حالتي التي تفضل‬          ‫الأشهر حتى بين‬                 ‫كرة القدم‪ ..‬خِ فَّ ة المنطوق وثِ قَ ل‬
    ‫الفنون على ما عداها‪ ،‬بل‬      ‫المشاهير أنفسهم؛‬                    ‫المفهوم (الكرة وما أدراكم ما الكرة!)‬
                                    ‫رافقوا وجداني‬
 ‫تتزيد فتبصر الفنون وحدها‬          ‫ووجدان الجميع كثي ًرا في‬
‫في الآفاق كأنها انفردت بحكم‬        ‫الرحلة بحيث صار صعبًا‬
                                     ‫أن نستبدل آخرين بهم‪.‬‬
   ‫الكون والكائنات‪ ،‬ومن ثم‬          ‫لاعبو الكرة كانوا في بالي‬
 ‫تراها الخليقة بالاتباع‪ ،‬وأما‬     ‫باستمرار‪ ،‬لكن كان عليَّ أن‬
  ‫المرحلة الثانية فتأقلمت مع‬      ‫أنتظر كرة تغني؛ فمن غير‬
   ‫الواقع المعاصر الذي يجب‬       ‫غناء لن تخلد الكرة في حنايا‬
  ‫التأقلم معه إيما ًنا بتطورات‬        ‫الروح فالخلود للغناء!‬
                                   ‫صرت أرانا لا نحقق فو ًزا‬
    ‫الحياة‪ ،‬مهما يكن الرضا‬        ‫بسماع الغناء‪ ،‬أي فوز‪ ،‬ولا‬
  ‫عن تطوراتها قلي ًل‪ ،‬فالكرة‬    ‫نمسك شيئًا ذا بال بقبضاتنا‬
 ‫غمرت المشاهد كلها كالسيل‬             ‫البتة‪ ،‬على عكس الكرة‪،‬‬
  ‫الكاسح‪ ،‬بل لم يعد مناسبًا‪،‬‬
   ‫بعد أن طغي فيضانها‪ ،‬أن‬       ‫فالواحد لا يقفز من مكانه مع‬
 ‫تنهض مقارنة بين نجم كرة‬        ‫سماع أغنية منفع ًل كما يقفز‬
   ‫ونجم تمثيل‪ ،‬هكذا كشاهد‬
 ‫للإيضاح‪ ،‬فنجم التمثيل‪ ،‬أ ًّيا‬    ‫كالمجنون مع إحراز هدف‪،‬‬
‫كان‪ ،‬ستظلمه المقارنة وتؤخر‬            ‫ولو فرض وقفز قفزته‬
  ‫رتبته؛ لأن الكرة أطغى من‬
                                  ‫الانفعالية مع الغناء فإنه لا‬
    ‫التمثيل ومن ثم فاللاعب‬         ‫يشعر في الختام بالامتلاء‬
           ‫أسبق من الممثل!‬         ‫الجواني الملهم الذي يمثل‬
                                ‫تحققه‪ ،‬كلام ومر وموسيقى‬
     ‫على كل حال لقد صفيت‬         ‫ومرت‪ ،‬وبقايا صور شعرية‬
    ‫من ذلك كله وشفيت من‬         ‫وأنغام تهدهد الروح كهدهدة‬
      ‫ذلك كله‪ ،‬والقصد أنني‬        ‫الأم للوليد‪ ،‬ثم لا شيء مع‬
   ‫رجعت مؤمنًا بالفنون كما‬         ‫اليقظة المرتقبة‪ ..‬أما الكرة‬
  ‫كنت (النوع الإبداعي الذي‬       ‫فلا تمر نتيجتها لكن تنطبع‬
  ‫أحبذه وأمارسه ثم البقية)‪،‬‬       ‫في نفوس الجماهير انطباع‬
 ‫لكنني تخففت فلم أعد أعطي‬
    ‫القضية أكبر من حجمها‬               ‫خلود؛ فالكلام والنغم‬
   ‫كما مضى‪ ،‬وحافظت‪ ،‬من‬               ‫حادثان حدو ًثا يجل عن‬
     ‫جهة أخرى‪ ،‬على محبتي‬          ‫الحصر مع الكرة‪ ،‬والفارق‬
‫للكرة ولكن بغير عصبية ولا‬        ‫أن نبعهما الإنسان نفسه في‬
  ‫افتتان‪ ..‬وقد أكون عقلت لمَّا‬   ‫مضمارها وليسا من مصدر‬
‫جاوزت خمسيني‪ ،‬وقد أكون‬
 ‫قسوت على نفسي فحرمتها‬                             ‫خارجي‪.‬‬
   ‫من شهوة ملحة أو انحياز‬            ‫عدت وتأملت نفسي في‬
                                ‫المرحلتين؛ فوجدتني منسج ًما‬
                 ‫ضروري‪..‬‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169