Page 171 - merit 51
P. 171

‫‪169‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫«مارادونا» الذي يخصها‪،‬‬             ‫ومن لا يعرف‪ ،‬ككل مجال‬              ‫موضع اللعب (اللاعبين‬
  ‫وقابلت تحفظات عديدة في‬           ‫حين تحالفه الحظوظ الحسنة‬              ‫ومن وراءهم بالبداهة)‪،‬‬
                                   ‫فيزدحم بما يوافق حظه وما‬               ‫والحكم يعني القاضي‬
     ‫الطريق أي ًضا‪ ،‬ولم تحظ‬         ‫لا يوافقه‪ ،‬والمحصلة تضخم‬         ‫الذي يفصل في الخصومات‬
   ‫بإقبال الفتيات كما حظيت‬                                          ‫(شخص بصفارته في الملعب‬
                                        ‫يعكس مهابة ولو زائفة‪،‬‬       ‫وشخوص في الظل يضبطون‬
     ‫ألعاب جماعية بخلافها‪،‬‬          ‫وكان طبيعيًّا‪ ،‬والأمر آل إلى‬        ‫الإيقاع بتقنية مستحدثة‬
     ‫والأسباب بين المعلومية‬         ‫ما آل إليه‪ ،‬أن تكتظ ساحتها‬       ‫تعتمد على الفيديو) والحالة‬
 ‫والمجهولية إلى هذه الدقيقة‪،‬‬        ‫برجال الأعمال والسماسرة‬            ‫الجماعية الثانية (الجماعة‬
 ‫غير أنها بنت لنفسها قاعدة‬           ‫والوكلاء وممثلي الشركات‬            ‫الكبرى) تعني الجماهير‬
 ‫صلبة في الجانب التحكيمي‪،‬‬                                           ‫الحاشدة التي هي في الحقيقة‬
‫حتى في مباريات الرجال‪ ،‬ولا‬             ‫الدعائية والإعلانية ومن‬      ‫تصورات المختلفين الداعمين‬
‫زالت تتسع‪ ،‬بكلياتها‪ ،‬فتدخل‬         ‫إليهم‪ ،‬وألا يكون فيها نصيب‬        ‫ور َّدات أفعالهم (نحن اللون‬
‫بلا ًدا متشددة من جهة الدين‬                                            ‫الفاتح وأنتم اللون الغامق‬
  ‫والأخلاق‪ ،‬كان من العسير‬               ‫لعادي أو فقير‪ ،‬اللهم إلا‬        ‫وكل منا يريد للونه علو‬
  ‫أن تدخلها في أزمنة غابرة‪،‬‬            ‫هؤلاء اللاعبين الذين يتم‬      ‫القدر ولو دفع نفائسه ثمنًا‬
 ‫وفي أنوار الشموس القادمة‬            ‫بيعهم وشراؤهم من أندية‬         ‫لذلك)‪ ..‬والآن هل يمكن ربط‬
‫ستصبح الكرة النسائية ص ًّفا‬          ‫قصية بائسة‪ ،‬لكن سرعان‬              ‫الملعب بالحروب الفظيعة‬
  ‫محاذ ًيا لكرة الرجال‪ ،‬ومن‬            ‫ما يصبحون أثرياء‪ ،‬لهم‬           ‫التي في العالم؟! هل يمكن‬
 ‫الأخبار السارة ح ًّقا أن نقرأ‬         ‫حراسهم الخصوصيون‪،‬‬            ‫توقع ما يحدث في العراق أو‬
‫مثل هذا الخبر مستقب ًل؛ ففي‬           ‫وبأيديهم دفاتر للمواعيد!‬       ‫أفغانستان من خلال مباراة‬
  ‫طياته نمو وبقاء وازدهار‪،‬‬           ‫لا ينبغي تجاهل كرة القدم‬       ‫تجري في آسيا أو أستراليا؟!‬
     ‫والحروف العاطفية بين‬          ‫النسائية‪ ،‬عند الحديث الجامع‬         ‫أطنني أسرفت في الظنون‬
   ‫الجنسين لا تفيد معنى إلا‬           ‫عن الكرة‪ ،‬فخشونة اللعبة‬        ‫هذه المرة‪ ،‬وعليَّ أن أعود إلى‬
‫بتشابكها والتئامها‪ ،‬في الكرة‬           ‫والمجهود البدني المضني‬
‫وفي سواها‪ ،‬مع احترام كامل‬              ‫الذي تتطلبه‪ ،‬من العوامل‬                   ‫جادة الطريق‪..‬‬
    ‫لدلالة الاستقلال‪ ،‬والذي‬            ‫التي ربطتها بالرجال من‬         ‫تطورت الكرة تطو ًرا هائ ًل‬
   ‫أتوقعه أن تشهد السنوات‬               ‫أولها إلى آخرها‪ ،‬كما أن‬      ‫في الأعوام العشرين الفائتة‪،‬‬
‫القريبة تبار ًيا ظري ًفا مشهو ًدا‬  ‫النساء لم ينجزن إنجا ًزا لافتًا‬     ‫صارت أمة من أمم العالم‬
   ‫بين الإناث والذكور‪ ،‬أعني‬            ‫في الكرة كإنجاز الرجال‪،‬‬
‫فري ًقا من النساء يواجه فري ًقا‬                                          ‫بكل معنى الكلمة‪ ،‬بل لا‬
‫من الرجال‪ ،‬يكون ذلك واق ًعا‬             ‫أعرض بموضوعية ولا‬                 ‫ينقصها من حضارات‬
 ‫رسميًّا حينئذ‪ ،‬وتكون فرجة‬           ‫أنحاز إلى جنسي قيد أنملة‪،‬‬          ‫الأمم المتصدرة للمشاهد‬
     ‫مثالية مكتملة التشويق!‬          ‫فهذا هوس ما أبعدني عنه‪،‬‬         ‫كثير ولا قليل‪ ،‬ملكت أموا ًل‬
  ‫اللعبة نفسها أبسط من كل‬                                               ‫تستعصي على الإحصاء‪،‬‬
 ‫ما كان‪ ،‬لكنه كان‪ ،‬على الأقل‬          ‫وقد ظلت قصة الكرة بنتًا‬          ‫وصار لها اتحادها الدولي‬
    ‫أبسط من الاحتكار الذي‬               ‫للرجال بالرغم من قدم‬           ‫الصارم المحير ذو الأذرع‬
 ‫تصر عليه دول ترى نفسها‬                                                  ‫الأخطبوطية والقرارات‬
    ‫الأجدر بالغلبة على طول‬           ‫الكرة النسائية وتاريخيتها‬           ‫الملزمة «الفيفا»‪ ،‬وكذلك‬
‫الخط‪ ،‬كدول أوروبا وأمريكا‬             ‫(أول مباراة مسجلة كانت‬           ‫إعلامها المتشعب المسيطر‪،‬‬
 ‫اللاتينية‪ ،‬ولو تخطتها الغلبة‬         ‫في جلاسكو تحت إشراف‬            ‫ودخل في مجالها من يعرف‬
                                       ‫الاتحاد الاسكتلندي لكرة‬
                                    ‫القدم عام ‪ ..)1892‬لكن لعل‬
                                       ‫تلك الكرة لم تنل نصيبها‬
                                    ‫من الانتشار لأنها لم تنجب‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176