Page 214 - merit 51
P. 214

‫قلت في أحد البرامج إنك‬                                            ‫العـدد ‪51‬‬                          ‫‪212‬‬
    ‫مارست الصحافة من‬
     ‫أجل الشعر‪ ،‬باعتبار‬                                                            ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬            ‫روايات أخرى؟‬
     ‫أنها «مهنة الكتابة»‪..‬‬
     ‫هل صحيح أن العمل‬                        ‫‪-‬مصر ًّيا وعربيًّا‪-‬كان مش ِّج ًعا‬                      ‫أشتغ ُل في مسارا ٍت مختلف ٍة‪،‬‬
                                           ‫ُخ ُصو ًصا أنها ُطبعت ثلاث مرات‬                     ‫أولها ال ِّشعر‪ ،‬وهناك أد ُب العشق‪،‬‬
  ‫الصحفي يمكن أن يؤثر‬                     ‫في أربعة أشهر‪ ،‬وهذا مؤ ِّشر جيد؛‬                      ‫وأد ُب التصوف‪ ،‬وفلسفة الدين‪،‬‬
    ‫على «أسلوب» الكتابة‬                     ‫لأ َّن كتابتي تتطل ُب قار ًئا خا ًّصا‪،‬‬
                                                                                                   ‫ثم الرسم‪ ،‬لكنَّني كن ُت كتب ُت‬
‫لدى الروائيين والشعراء؟‬                     ‫فلس ُت ِم َّمن ير ِّفهون أو يز ُجون‬                ‫رواي ًة أولى‪ ،‬لك َّن ظرو ًفا ما حدثت‬
   ‫أم أن الشاعر يستطيع‬                                         ‫فرا َغ أحد‪.‬‬
   ‫أن ينفصل بإبداعه عن‬                                                                           ‫جعلتني أرجئ نشرها‪ ،‬بعد أن‬
    ‫الصحافة وانحيازاتها‬                      ‫إن الأفكا ُر التي كانت تروا ُدني‬                   ‫أتلفت المياه ستين صفح ًة منها؛‬
       ‫ولغتها وأسلوبها؟‬                         ‫‪-‬و ُكن ُت أطل ُب من غيري أن‬                      ‫إ ْذ كن ُت أكت ُب وقتها بخط يدي‪،‬‬
                                                                                                 ‫ولم أكن أستخدم الكمبيوتر في‬
     ‫قليلون هم الذين ين ُجون من‬             ‫يكتبها‪ ،-‬سأكتبها أنا ُخ ُصو ًصا‬                     ‫الكتابة‪ ،‬فقفل ْت ُروحي منها‪ ،‬ولم‬
    ‫تروس آلة ال َّصحافة‪ ،‬و ِفخاخ‬                       ‫أنني أمتل ُك المفاتيح‪.‬‬                     ‫أ ُعد قاد ًرا على مواصلة الكتابة‬
   ‫ال ُّشهرة المؤ َّقتة ال َّزائلة‪ ،‬فبعض‬                                                      ‫فيها‪ ،‬وكان ذلك قبل عشر سنوات‬
                                            ‫ومسألة ال ُعمر في عملية الكتابة‬                    ‫على الأقل‪ ،‬وعد ُت برواية «حجاب‬
       ‫الصحفيين من فرط تكرار‬                ‫قد تمن ُح العمل الإبداعي ُنض ًجا‪،‬‬                   ‫ال َّساحر” التي تلكأ ُت في نشرها‬
‫أسمائهم في الأسبوع الواحد أكثر‬            ‫إ ْذ لد َّي خبرا ٌت ُمتراكمة و ُمتراكبة‬              ‫نحو خمس سنوات‪ ،‬ولا أدري ما‬
 ‫من مرة يتصورون أنهم صاروا‬                                                                     ‫الأسباب؟ بحي ُث توقف ُت وأنا على‬
                                                ‫ونوعية على مستوى الحياة‬                       ‫وشك الانتهاء منها‪ ،‬ثم عد ُت إليها‬
     ‫شهيرين‪ ،‬مع أن الصحفيين‬                  ‫الشخصية وال َّسفر‪ ،‬وعلى المرء‬                       ‫وأتمم ُتها‪ ،‬وأنا لا أح ُّب التو ُّقف‬
   ‫هم أقل الناس اهتما ًما بالثقافة‬          ‫أن يتو َّق َع من النفس أن تمار َس‬
 ‫والأدب‪ ،‬كأنهم يكرهون القراءة‪،‬‬                ‫أ َّي نشا ٍط فرد ٍّي في أ ِّي وق ٍت؛‬                   ‫عندما أكون مشغو ًل بعم ٍل‬
                                           ‫لأ َّن هناك مناطق داخلنا يستطي ُع‬                     ‫إبداع ٍّي‪ ،‬فالتوقف ُمربك و ُمضر‬
        ‫هم فقط يعرفون الأدوات‬               ‫ال َّسر ُد أن يحملها على ك َّفيه أكثر‬             ‫بالعمل الإبداعي‪ ،‬إ ْذ علينا المواصلة‬
  ‫والتقنيات التي ُتعينهم على أداء‬            ‫من ال ِّشعر‪ ،‬وتستطي ُع أن تقو َل‬                   ‫والاستمرارية وعدم إفلات كرة‬
 ‫العمل اليومي أو الأسبوعي‪ .‬كما‬            ‫إنها رواية كتبها شاع ٌر‪ ،‬إ ْذ لم أن َس‬               ‫الخيط من يدنا ونحن مستمرون‬
‫أ َّن الصحافة تجعل المرء يستسهل‬              ‫طوا َل الوقت وأنا أكت ُب روايتي‬                   ‫في الكتابة‪ ،‬فمن الصعب الإمساك‬
 ‫الكتابة‪ ،‬ويتس َّرع في إنجاز عمله‪،‬‬            ‫«حجاب ال َّساحر” أ َّنني شاع ٌر‬                    ‫باللحظة نفسها بالحماسة التي‬
   ‫وكن ُت شاه ًدا على «موت» كثير‬            ‫يلع ُب ويج ِّر ُب في ساحة ال َّسرد‪.‬‬                   ‫كنا عليها قبل التوقف؛ لأن في‬
 ‫من ال ُّشعراء وال ُكتَّاب الذين كانوا‬                                                          ‫المواصلة دف ًقا واتصا ًل من دون‬
  ‫«نجو ًما” معنا في الجامعة‪ ،‬لكن‬               ‫ولد َّي تجار ُب كثيرة أد ِّونها‪،‬‬                 ‫فجوات سيلحظها المتلقي للعمل‬
‫الصحافة شربت دماءهم بد ًل من‬                 ‫وآم ُل أن تصدر روايتي الثانية‬                       ‫سواء أكان قار ًئا أم ناق ًدا‪ ،‬وقد‬
                                           ‫في ‪ ،2023‬وأتصور أن القصيدة‬                         ‫يكون التو ُّقف خشي ًة من الإخفاق؛‬
        ‫أن تشرب أحبار الطباعة‪.‬‬            ‫عندي ستمشي جنبًا إلى جنب مع‬                          ‫فأنا أح ُّب أ َّل أفشل‪ُ ،‬خصو ًصا أ َّن‬
    ‫لكن هناك صن ٌف من المبدعين‬              ‫الرواية‪ .‬ولكنَّني أح ُّب أن أس ِّجل‬                  ‫الرواية ليست عملي الأساسي‪،‬‬
    ‫الذين مارسوا مهنة ال َّصحافة‬              ‫تجربة شاع ٍر في عالم الرواية‪،‬‬
   ‫استطاعوا النجاة‪ ،‬بأن يفصلوا‬              ‫لأنني كن ُت أتعام ُل مع الروائيين‬                         ‫على الرغم من أ َّنني ح َّكاء‬
                                              ‫من الخارج‪ ،‬ولكن الد ُخول إلى‬                    ‫بطبيعتي‪ ،‬وقارئ ُمحترف للرواية‬
      ‫بين الكتابة الأدبية والكتابة‬        ‫عوالمهم صع ٌب و ُمع َّقد على العكس‬                  ‫من طرا ٍز خاص‪ ،‬وأغلب أصدقائي‬
    ‫الصحفية‪ ،‬وقد لا يصدق أح ٌد‬            ‫مع أهل ال ِّشعر‪ ،‬ر َّبما لأ َّن الصرا َع‬
                                            ‫شدي ٌد‪ ،‬والمنافسة ُمحتدمة‪ ،‬حي ُث‬                              ‫هم من ُكتَّاب ال َّسرد‪.‬‬
                                          ‫إ َّن العمل الروائي محاط بالجوائز‬                       ‫ولك َّن استقبال الحركة الأدبية‬
                                          ‫والمال‪ ،‬مع أنني دخل ُت عالم ال َّسرد‬

                                                              ‫لأكت َب فقط‪.‬‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219