Page 215 - merit 51
P. 215

‫‪213‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

   ‫ال ِّشعر‪ ،‬وفي السنوات الأخيرة‬        ‫أخي ًرا‪ ..‬هل تتخوف من‬                     ‫أن جمال الغيطاني (‪ 9‬مايو‬
                                        ‫(العادية المفرطة) التي‬                ‫‪ 18 -1945‬أكتوبر ‪ )2015‬كان‬
 ‫أتيح لي أن أكون عض ًوا في لجان‬          ‫تصبغ كتابة الشعراء‬
  ‫تحكيم جوائز شعرية‪ ،‬فوجدت‬              ‫الشباب؟ هل تعتقد أن‬                      ‫يحم ُل قلم ْين أحدهما للإبداع‬
                                                                               ‫والآخر للكتابة الصحفية‪ ،‬وكان‬
  ‫أ َّن الأسماء المهمة قليلة ونادرة‬       ‫الشعر ذاهب إلى هذه‬                   ‫من المستحيل أن تختلط الأمو ُر‬
‫وهذه طبيعة ال ِّشعر منذ الجاهلية‬      ‫المنطقة القريبة من الكلام‬              ‫لديه حتى لو كان ُمض َّط ًرا‪ ،‬ومثل‬
                                                                                ‫هذا النموذج غير مكرور‪ .‬فهذا‬
 ‫إلى يومنا هذا‪ ،‬وقد لاحظ ُت غلبة‬            ‫العادي؟ أم أن هذه‬                  ‫القطع مطلو ٌب ولا بد من الحزم‬
  ‫التقليدية والتكرار والاستنساخ‬       ‫الكتابات ستظل هام ًشا لا‬                ‫في العلاقة بين الاثنين‪ .‬شخصيًّا‬
                                      ‫يؤثر على المتن الشعري؟‬
        ‫وشيوع الأخطاء اللغوية‬                                                     ‫استفد ُت من ال َّصحافة كثي ًرا‬
‫والإملائية‪ ،‬إضاف ًة إلى ما أسميته‬      ‫أنا من ال ُّشعراء الذين يشترون‬         ‫ُخصو ًصا في الحذف والاقتصاد‬
                                       ‫كل الكتب الشعرية التي تصدر‬              ‫والإيجاز والاختصار والتكثيف‬
   ‫أنت بـ(العادية المفرطة)؛ حي ُث‬     ‫في الوطن العربي‪ ،‬لأ َّن عليَّ ديو ًنا‬
  ‫أسقط هذا الصنف من ال ُّشعراء‬          ‫إنسانية لا بد أن أؤديها لأبناء‬            ‫في الكتابة‪ ،‬والقراءة الدائمة‪،‬‬
                                      ‫جيلي أو ًل بالكتابة عن منجزهم‪،‬‬              ‫و ُمواكبة الأحداث في العالم‪،‬‬
 ‫اللغة والمجاز من حساباتهم‪ ،‬مع‬         ‫وقد بدأت هذا المشروع متأخ ًرا‬          ‫والتن ُّوع في القراءات‪ ،‬والتع ُّدد في‬
                                        ‫بعض الشيء‪ ،‬وسأصدر هذه‬                ‫المعارف‪ ،‬وال َّسفر إلى أماكن كثيرة‬
    ‫غياب الأفكار الجديدة الملهمة‬       ‫الكتابات في كت ٍب متتالية‪ ،‬ثانيًا‪:‬‬       ‫من العالم‪ ،‬لكن الصحافة التي‬
                                                                             ‫درس ُتها وامتهن ُتها أخذت –أي ًضا‪-‬‬
     ‫والمتجاوزة لما سبقها‪ .‬هناك‬          ‫عليَّ أن أعرف مسار ومسيرة‬             ‫الكثير من وقتي وأعصابي‪ ،‬ولا‬
                                          ‫حركة الشعر والشعراء‪ ،‬ولا‬           ‫أخفيك س ًّرا‪ ،‬ف َّكر ُت كثي ًرا لسنوا ٍت‬
 ‫ظواهر ستبقى لبعض الوقت ثم‬              ‫أنعزل وحدي بعي ًدا ع َّما يكتبه‬            ‫مضت أن أجل َس في البيت‪،‬‬
      ‫تندثر فلن يبقى إلا ال ِّش ْعر‪.‬‬     ‫ال ُّشعراء من مختلف الأجيال‬         ‫وأتف َّرغ للقراءة والكتابة وال َّسفر‪،‬‬
                                       ‫والتيارات‪ ،‬وأرى أن هناك خ َّفة‬          ‫لكن يبدو أن قدري أن أظ َّل ابنًا‬
‫كما أنني لا أومن ولا أقتن ُع بشع ٍر‬       ‫وإهما ًل واستسها ًل وضع ًفا‬         ‫لهذه المهنة التي طالها الكثير من‬
   ‫ليس مشكو ًل‪ ،‬ومن يفعل ذلك‬             ‫في الثقافة عند البعض‪ ،‬هناك‬          ‫الفوضى والسطحية والغش‪ ،‬وقد‬
                                       ‫ُكتب شعري ٌة فيها «من الفهلوة”‬           ‫استطع ُت أن أتخ َّفف من العمل‬
 ‫يدرك أنه يجهل علامات الترقيم‪،‬‬             ‫والا َّدعاء أكثر مما فيها من‬      ‫اليومي‪ ،‬وأن أعطي بمقدار مح َّدد‬
                                                                                ‫لأنج َو من فخ المهنة المن ُصوب‬
      ‫وعلامات الإعراب الأصلية‬
                                                                                          ‫طوال اليوم أمامي‪.‬‬
  ‫والفرعية؛ التي ُتساعد على نطق‬
     ‫الكلمات بشكل سليم‪ ،‬وفهم‬

   ‫المقصود من الن ِّص‪ ،‬لأ َّن المعنى‬
 ‫يتغير بتغير الحركات الإعرابيَّة‪،‬‬
  ‫وهذا ما ُيميز اللغة العربية عن‬

               ‫غيرها من اللغات‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220