Page 198 - merit 54
P. 198

‫العـدد ‪54‬‬                   ‫‪196‬‬

                                                ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬             ‫بالعقول «حوافز النظام»(‪،)18‬‬
                                                                        ‫فإن الكذب لا يحتاج سوى‬
                                    ‫أدولف هتلر‬
                                                                            ‫مجرد أشخاص ُبلداء‪،‬‬
 ‫علينا أ ْن نبنيها بأنفسنا ومن‬        ‫أسطورة موت الاشتراكية‪..‬‬        ‫معدومي الموهبة‪ ،‬لا يتح َّرجون‬
‫غير تلقين‪ .‬أ ْي علينا أ ْن نقارب‬                           ‫إلخ‪.‬‬
‫أية كلمات أو أفعال تصدر عن‬                                               ‫من إطلاق أبشع الأكاذيب‬
                                        ‫السؤال الذي يطرح نفسه‬              ‫لي ًل ونها ًرا في المحطات‬
  ‫السياسيين وإيديولوجييهم‬           ‫الآن في نهاية هذا المقال‪ :‬كيف‬          ‫التليفزيونية والإذاعية‪.‬‬
    ‫كالمحقق الذي يستمع إلى‬           ‫يمكن للإنسان أ ْن يقي نفسه‬             ‫بشكل عام‪ ،‬كما يذهب‬

  ‫أول تفسير من المتهم‪ .‬ليس‬             ‫من التلا ُعب بوعيه الخاص‬      ‫ميرشيمر في كتابه لماذا يكذب‬
   ‫في هذا أ ُّي إخلال بفرضية‬            ‫ومساعدة رفاقه في ذلك؟‬          ‫القادة‪« ،‬إ َّن انتشار الأكاذيب‬
 ‫البراءة‪ ،‬فلا المحقق ولا نحن‬                                         ‫داخل دولة ما قد يد ِّمر كيانها‬
‫نلغي إمكان أ ْن تكون الصيغة‬         ‫يجيب مورزا في كتابه التلاعب‬
‫المسموعة حقيقية‪ ،‬ولا نس ِّمي‬        ‫بالوعي عن هذا السؤال قائ ًل‪:‬‬         ‫ويضعف من استقراراها‬
   ‫مؤلفها مخاد ًعا أو مجر ًما‪.‬‬                                          ‫وأمنها الداخلي»(‪ .)19‬وهكذا‪،‬‬
   ‫لكننا لا نعتمدها على الفور‬         ‫إ َّن إظهار المعنى الحقيقي في‬     ‫قلي ًل ما يكون الكذب مفي ًدا‬
  ‫كحقيقة‪ .‬ما نريده هو إثبات‬            ‫كلمات وأفعال الناس الذين‬      ‫للدولة‪ ،‬بل يش ِّكل خط ًرا كبي ًرا‬
                                    ‫سعوا إلى إخفاء هذا المعنى هو‬       ‫عليها‪ ،‬حتى لو كان لتحقيق‬
                ‫الحقيقة(‪.)20‬‬          ‫تأويل وتفسير‪ .‬حين نقارب‬         ‫مصلحة عامة وليس مصلحة‬
    ‫إ َّن ال َغ َرق السلبي في تيار‬
‫المعلومات المتد ِّفق أسهل بكثير‬           ‫هذه الأقوال أو الحقائق‬         ‫شخصية دافعها الأنانية‪.‬‬
 ‫من الاضطلاع بإخضاع كل‬                 ‫بصفتها هد ًفا للدراسة (أو‬     ‫قبل الانتقال إلى المحور الثالث‬
    ‫معلومة للمعالجة النقدية‪.‬‬                                           ‫والأخير من هذا المقال‪ ،‬وهو‬
   ‫لذا‪ ،‬لا يرغب معظم الناس‬               ‫البحث) علينا منذ البداية‬
    ‫في بذل الجهد والوقت في‬             ‫أ ْن نقبل بأن معنى الكلمات‬       ‫كيفية الوقاية من التلا ُعب‪،‬‬
     ‫التشكيك ببساطة في كل‬              ‫والأفعال المقترح علينا على‬     ‫أو ُّد ِذ ْكر بعض الأمثلة الحيَّة‬
‫معلومة أو نبأ‪ .‬فعدد قليل ج ًّدا‬      ‫نحو جلي ما هو سوى إحدى‬          ‫على التضليل الإعلامي‪ ،‬أقصد‬
 ‫من الناس هم الذين يتمتعون‬
                                         ‫الصيغ الممكنة‪ .‬وأ َّن هذه‬       ‫بعض الأفكار والنظريات‬
                                        ‫الصيغة في المرحلة الأولى‬      ‫الب َّراقة التي يتم الترويج لها‬
                                       ‫لا تتمتع بأية أفضلية أمام‬     ‫َع ْب َر وسائل الإعلام باعتبارها‬
                                      ‫الصيغ الممكنة الأخرى التي‬
                                                                          ‫بديهيات أو مسلمات‪ ،‬في‬
                                                                          ‫حين أنها مجرد أساطير‬
                                                                        ‫كاذبة يتكشف خطؤها عند‬
                                                                     ‫إخضاعها للتفكيك أو وضعها‬
                                                                        ‫تحت مجهر النقد‪ .‬من هذه‬
                                                                        ‫الأساطير على سبيل المثال‪:‬‬
                                                                         ‫أسطورة الحقوق الفردية‬
                                                                          ‫المطلقة‪ ،‬أسطورة التطور‬
                                                                         ‫من خلال محاكاة الغرب‪،‬‬
                                                                        ‫أسطورة التناقض الحتمي‬
                                                                     ‫بين الحداثة والتراث (بغرض‬
                                                                        ‫تدمير الذاكرة التاريخية)‪،‬‬
                                                                     ‫أسطورة لا أخلاقية السياسة‪،‬‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203