Page 202 - merit 54
P. 202

‫العـدد ‪54‬‬                               ‫‪200‬‬

                                    ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                         ‫كتابه سيكولوجية الجماهير‬
                                                                       ‫عام ‪ ،1894‬والذي صاغ فيه‬
   ‫الرجال والنساء أذكياء ح ًّقا‬         ‫تسلس ًل هرميًّا طبيعيًّا في‬  ‫حتمية تطور الأجناس والأمم‪،‬‬
 ‫أو متطورين أخلاقيًّا (بالطبع‬        ‫كل مجتمع‪ ،‬يولد على أساسه‬
  ‫يقصد بالعرق المتفوق العرق‬          ‫البعض لل ُحكم ويولد آخرون‬             ‫كتب لوبون‪« :‬بمجرد أن‬
                                                                       ‫يصبح الفرد جز ًءا من حشد‬
   ‫الآري الذي سكن أوروبا)‪.‬‬              ‫تابعون لهم‪ ،‬ق َّدم براهين‬    ‫منظم‪ ،‬ينزل حينها عدة درجات‬
     ‫ثم جاء التأثر الثالث على‬       ‫«علمية» على ادعائه العنصري‬          ‫على سلم الحضارة»‪ ،‬الفرد‬
    ‫لوبون من اندماج الأفكار‬                                             ‫المنعزل ربما يكون شخ ًصا‬
       ‫النفسية حول «التنويم‬            ‫وادعائه النخبوي في أشهر‬
                                    ‫كتبه (سيكولوجية الجماهير)‪،‬‬           ‫مثق ًفا؛ أما عند تواجده مع‬
 ‫المغناطيسي» مع علم الإجرام‬                                          ‫حشد من الناس يصبح بربر ًّيا؛‬
      ‫المبكر‪ ،‬فابتدا ًء من القرن‬            ‫وهو جزء من ثلاثية‬
                                       ‫تضمنت (القوانين النفسية‬         ‫أي مخلوق يتصرف بالفطرة‬
  ‫التاسع عشر أصبح التنويم‬              ‫لتطور الأمم) و(علم نفس‬                   ‫وفي حالة خدر(‪.)3‬‬
  ‫المغناطيسي ممارسة نفسية‬            ‫الاشتراكية)(‪ ،)5‬هذه الثلاثية‬
‫شائعة في جميع أنحاء فرنسا‪،‬‬             ‫تدحض الأعداء الرئيسيين‬        ‫وقد عزز هذا رؤيته للحضارة‬
   ‫كان لهذا النهج فهم خاص‬                                                ‫على أنها هشة‪ ،‬حين قارن‬
  ‫لدى لوبون عند تطبيقه لفهم‬              ‫الثلاثة للوبون‪ :‬الغوغاء‪،‬‬          ‫لوبون سلوك الرجل في‬
  ‫«عقلية الغوغاء»‪ ،‬وفي نظرية‬         ‫«الأجناس» والطبقات الدنيا‪،‬‬            ‫الحشود بسلوك النساء‪،‬‬
‫العدوى الاجتماعية‪ ،‬حيث تأتي‬         ‫والاشتراكية التي يراها كعدو‬         ‫والأعراق الأدنى والأطفال‪،‬‬
   ‫قوة الحشود في رأيه عندما‬          ‫لأنه يفهم مطالبتها بالمساواة‬
‫«ينزلق» جمهور غير متجانس‬                                              ‫ولا يمكن تحقيق التح ُّضر إلا‬
   ‫إلى «جنون مؤقت» ليش ِّكلوا‬             ‫على أنها تخريب للنظام‬         ‫تحت رعاية نخب «أوروبية‬
                                              ‫الطبيعي للمجتمع‪.‬‬            ‫غربية»‪ ،‬في نهاية المطاف‪،‬‬
    ‫م ًعا حيوا ًنا وحشيًّا واح ًدا‬                                       ‫هذه الآراء جعلت منه أحد‬
 ‫تكتسب معه الجماهير قوة لا‬              ‫بهذا الخصوص يبدو هنا‬                 ‫المهندسين الرئيسيين‬
                                     ‫أن لوبون تأثر بشدة بمنهج‬
                    ‫تقهر(‪.)6‬‬         ‫داروين وبفلسفة نيتشه عن‬          ‫لمناهضة النسوية والعنصرية‬
‫التنويم المغناطيسي هنا يحدث‬                                              ‫«العلمية» في عصره‪ ،‬حيث‬
 ‫عندما يتم التضحية بمصلحة‬              ‫الأعراق المتفوقة والإنسان‬
                                      ‫الأعلى‪ ،‬كانت حجته في ذلك‬         ‫أدخل الافتراضات المتعصبة‬
       ‫الفرد من أجل مصلحة‬             ‫«الحتمية البيولوجية»‪ ،‬ففي‬             ‫إلى النظرية الاجتماعية‬
  ‫المجموعة‪ ،‬فالمجموعات تنوم‬                                                        ‫والسياسية(‪.)4‬‬
                                         ‫ظ ِّل بيولوجية وجغرافيا‬                      ‫كان لوبون‬
                                          ‫معينة يمكن أن يصبح‬                      ‫نخبو ًّيا صري ًحا‬
                                                                                  ‫وعنصر ًّيا‪ ،‬كان‬
                                                                                      ‫مقتن ًعا بأن‬
                                                                                    ‫كل «عرق» له‬
                                                                                  ‫«روح» خاصة‪،‬‬
                                                                                 ‫وأن تلك الأعراق‬
                                                                                     ‫تصطف على‬
                                                                                        ‫التسلسل‬
                                                                                         ‫الهرمي‬
                                                                                    ‫الطبيعي‪ ،‬فهو‬
                                                                                   ‫ي َّدعي أن هناك‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207