Page 200 - merit 54
P. 200

‫العـدد ‪54‬‬                                  ‫‪198‬‬

                                                                  ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                        ‫د‪.‬أسماء عبد العزيز‬
                                                                                                    ‫مصطفى‬
   ‫وبين محاولة التأثير عليه‪،‬‬        ‫بعض الأحيان‬                   ‫في‬
    ‫بمعنى استهداف المجموعة‬     ‫مخالفة رأي القطيع‬
                                                                       ‫قد ينبح عليك كلب‪..‬‬
       ‫بشكل مستمر وبتكرار‬          ‫نتيجتها هجوم‬                            ‫لكن قد تهاجمك مجموعة بشر!‬
  ‫المعلومات المضللة (خصي ًصا‬   ‫القطيع على صاحب‬
                                ‫الرأي المخالف‪ ،‬القطيع في حد‬
      ‫لمحاباة تحيزات السلطة‬
    ‫الحاكمة وتفريغ الجمهور‬        ‫ذاته جمهور سياسي قوته‬
 ‫من الشحنات الثورية)‪ ،‬وبين‬          ‫في التماثل‪ ،‬لا الاختلاف‪،‬‬
   ‫التأثير في الجمهور لدفعهم‬        ‫أخلاق القطيع أو الغوغاء‬
 ‫للتصرف بشكل ما في ظروف‬
‫استثنائية خاصة عند سياقات‬       ‫هي أخلاق غريزية مبنية على‬
     ‫جماعية تهدف في النهاية‬        ‫ابتغاء السلامة بالمشي في‬
‫لتكوين تيار موحد تجاه قضية‬
     ‫أو حدث أو غيره‪ ،‬ويمكن‬       ‫الظل واتباع الأوامر والجري‬
  ‫استغلال الفرد حينها لجعله‬        ‫في مقامات القادة والتقاليد‬
 ‫ضحية التأثير الجماعي‪ ،‬لكن‬
‫من يؤثر في من؟ وكيف تترجم‬      ‫والتشنج لها وعبادة الأسلاف‬
  ‫محاولات تشكيل تيار موحد‬       ‫والطرائق‪ ،‬فلا تكون الأخلاق‬
 ‫إلى أضرار ملموسة على ذاتية‬      ‫أخلا ًقا ‪-‬كما أظهر كانط‪ -‬إلا‬

        ‫وفردانية الأشخاص؟‬          ‫من خلال التشريع الذاتي‪،‬‬
  ‫في هذا السياق نتناول أفكار‬    ‫وهذه الانعكاسية وحدها هي‬
                                  ‫ما يمنعها من أن تتحول إلى‬
    ‫(جوستاف لوبون ‪-1841‬‬        ‫أخلاق غوغاء‪ ،‬فأخلاق الغوغاء‬
    ‫‪ )1931‬بالقراءة والفحص‪،‬‬       ‫حسب وصف نيتشه‪ :‬أخلاق‬
 ‫فهو الذي بلور نظرية خاصة‬       ‫إقصائية‪ ،‬بحيث تعتبر كل من‬
    ‫عن سيكولوجية الجماهير‬
    ‫أو عقلية الغوغاء والأعراق‬     ‫يخرج عنها هو إنسان غير‬
     ‫البشرية‪ ،‬كانت الجماهير‬    ‫سوي أخلاقيًّا واجتماعيًّا‪ ،‬وهذا‬
    ‫بالنسبة لغوستاف لوبون‬
 ‫«كتلة رخام» مصمتة‪ ،‬تناولها‬        ‫مضر بالطبيعة الإنسانية‪،‬‬
   ‫بالدراسة العلمية على ضوء‬     ‫حيث يؤمن نيتشه بالتراتبية‪،‬‬
  ‫علم الاجتماع الناشئ آنذاك‪،‬‬      ‫فلا يرفض الأخلاق بالمطلق‬
‫وارتكزت نظريته على الأحداث‬
   ‫التي ُمنيت بها فرنسا وكل‬        ‫لكن يدعو للمقاربة بينهما‬
    ‫هزائمها والصعوبات التي‬       ‫(قيم القوة والضعف)‪ ،‬لذلك‬
 ‫واجهتها‪ ،‬والتي فسرها بأنها‬    ‫اكتب رأ ًيا مخال ًفا‪ ،‬ارتدي لبا ًسا‬
                                 ‫مخال ًفا‪ ،‬ف ِّكر بطريقة مخالفة‪،‬‬
      ‫ترجع إلى ضعف النظام‬
‫البرلماني الديموقراطي؛ بسبب‬        ‫باختصار ام ِش ضد التيار‬
                                ‫حينها قد ينبح عليك كلب لكن‬
    ‫الجهل بقوانين علم النفس‬
      ‫وطرق تسيير الجماهير‬         ‫قد تهاجمك مجموعة بشر‪.‬‬
         ‫والتحكم في الغوغاء‪.‬‬   ‫في علم الإعلام يوصف القطيع‬

                                 ‫بالجمهور‪ ،‬حقيقة الأمر فإن‬
                                   ‫جوهر الإعلام هو التحكم‬

                                 ‫والتأثير على الجمهور‪ ،‬الأمر‬
                                ‫الهام هنا أنه يوجد تمييز بين‬
                                ‫محاولة التلاعب بالرأي العام‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205