Page 203 - merit 54
P. 203

‫‪201‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫فريدريك نيتشه‬  ‫جوستاف لوبون‬    ‫إيمانويل كانط‬                    ‫الأفراد مغناطيسيًّا مما يش ُّل‬
                                                                 ‫حركتهم للتصرف بفردانية‬
  ‫يكونوا عقلانيين وقياسيين‪،‬‬        ‫ثان ًيا (نظرية العدوى)‪،‬‬     ‫داخل المجموعة‪ ،‬وربط شعور‬
    ‫فإن الحشود غير عقلانية‬        ‫مصطلح العدوى يهدف إلى‬          ‫الأفراد ‪-‬الذي يسود داخل‬
  ‫وعرضة للعواطف الشديدة‬           ‫استدعاء فكرة مرض مع ٍد‪،‬‬
  ‫والعنف الذي لن يظهره أي‬      ‫شعور أو فكرة أو رغبة تنتقل‬           ‫المجموعة‪ -‬بآليات البقاء‬
                                   ‫من شخص إلى آخر بدون‬               ‫ورغبتهم في الإحساس‬
 ‫عضو في عزلة بمفرده‪ ،‬عندما‬      ‫إدراك لذلك النقل‪ ،‬وبدون أي‬    ‫بالانتماء مع مجموعة تدعمهم‪.‬‬
  ‫تتحد هذه القوى والنظريات‬     ‫إمكانية للسيطرة الواعية‪ ،‬حيث‬     ‫لكن هل إلى هذا الحد يصبح‬
 ‫الثلاث فإنها تحول الجماهير‬      ‫يعاني الفرد داخل حشد من‬      ‫القطيع ذلي ًل؟ هل إلى هذا الحد‬
‫إلى «عقل جماعي» يمكن للقادة‬      ‫عدوى نفسية بسبب «النظام‬         ‫يكون الحشد «تربة عذراء»‬
   ‫التلاعب به بسهولة‪ ،‬شرح‬      ‫المنوم» للحشود‪ ،‬وهذا يشجعه‬        ‫سهلة الانقياد لا بد لها من‬
 ‫لوبون هذه العقلية من خلال‬
   ‫القول بأن المستبدين أمثال‬        ‫على «التضحية بمصلحته‬                    ‫سيِّد يسوقها؟‬
‫هتلر أو موسوليني استخدموا‬        ‫الشخصية من أجل المصلحة‬         ‫دارت نظرية لوبون حول ما‬
  ‫تقنيات علم النفس الجماعي‬                                     ‫أسماه «قانون الوحدة العقلية‬
‫للحصول على السيطرة الكاملة‬                      ‫الجماعية»‪.‬‬     ‫للحشود» (غالبًا ما يشار إليه‬
  ‫على الحشود‪ ،‬مرتكزين على‬            ‫ثال ًثا (نظرية القابلية‬  ‫بجنون الحشود)‪ ،‬الذي حفزته‬
   ‫مبدأ أن الناس يتخلون عن‬     ‫للإيحاء ‪)Emergent-norm‬‬           ‫ثلاث نظريات نفسية تتناول‬
 ‫إحساسهم بالذاتية والمساءلة‬        ‫التي تجمع بين النظريتين‬
  ‫عندما ينضمون إلى الغوغاء‪،‬‬           ‫السابقتين‪ ،‬حيث ُتظهر‬         ‫سلوك الجمهور أو عقلية‬
  ‫وأنه من خلال الانضمام إلى‬        ‫الحشود خصائص ناشئة‬                            ‫الغوغاء‪:‬‬
‫الحشد يسقط الفرد مجاز ًّيا في‬       ‫يمكن أن تكون «معاكسة‬
 ‫التسلسل الهرمي الاجتماعي‬          ‫تما ًما» لخصائص الأفراد‪،‬‬   ‫أو ًل (نظرية التقارب) بسبب‬
                                  ‫ففي حين يمكن للأفراد أن‬           ‫«الاعتبارات العددية»‪،‬‬

                                                                 ‫وتقترح أن الحشود ليسوا‬
                                                                 ‫حالة ناشئة‪ ،‬ولكنها تتكون‬

                                                                      ‫نتيجة اجتماع الأفراد‬
                                                              ‫المشابهين على المستوى الفكري‬
                                                               ‫والمستوى المعرفي‪ ،‬فإذا تحول‬

                                                                ‫الحشد إلى أعمال عنف ليس‬
                                                                 ‫لأن الحشد ش َّجع على ذلك‪،‬‬

                                                                    ‫بل لأن الناس أرادوا أن‬
                                                                 ‫يكون الاحتشاد عني ًفا‪ ،‬وهو‬
                                                                ‫ما يتسبب في إعطاء الحشود‬
                                                                ‫شعو ًرا بالقوة التي لا ُتقهر‪،‬‬
                                                                  ‫يستخدم لوبون هنا المجاز‬

                                                                   ‫الكلاسيكي للتمييز الحاد‬
                                                               ‫بين العقل والعاطفة‪ ،‬فالحشد‬

                                                                 ‫محكوم بالعواطف بد ًل من‬
                                                                    ‫العقل‪ ،‬يؤكد على أن قوة‬

                                                              ‫المشاعر من قوة الحشد لدرجة‬
                                                                 ‫أنها تتجاوز المنطق الفردي‪.‬‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208