Page 206 - merit 54
P. 206

‫العـدد ‪54‬‬         ‫‪204‬‬

                                                             ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬    ‫ما شيئًا ما يبدأ الآخرون في‬
                                                                           ‫متابعته وتبدأ أخلاق القطيع‬
  ‫تمتعه بأية قيمة‪ ،‬وهذا هو‬     ‫ستتحرك الحشود‪ ،‬ولماذا؟‬                     ‫في الظهور‪ ،‬وينصب التركيز‬
‫جوهر علم الاجتماع الحديث‬         ‫أخي ًرا‪ ،‬في حقيقة الأمر لا‬                ‫بشكل أساسي على الفوران‪،‬‬
                                ‫ينبغي لأ ِّي فرد أن يذوب‬                   ‫في المقابل عندما تهيمن حالة‬
   ‫ونظرية «عقلية الغوغاء»‪،‬‬    ‫ويتماهى تما ًما في أشخاص‬                   ‫اليأس بين الحشود ويتساوى‬
 ‫لا تمنح علماء الاجتماع أي‬        ‫آخرين‪ ،‬أو أن يفقد ذاته‬
                             ‫نهائيًّا في أية ذات أخرى‪ ،‬لكن‬                       ‫معها إيصال غضبهم‬
    ‫مجال لشرح المستويات‬         ‫من المؤكد أن كل شخص‬                      ‫واستيائهم مع عدمه‪ ،‬لمعرفتهم‬
   ‫المختلفة للتنظيم وراء كل‬    ‫يح ُّن في قراره نفسه ‪-‬على‬                 ‫أنه حتى لو تم الاحتشاد فإن‬
‫تلك الاحتجاجات وما تعنيه‪،‬‬       ‫أقل تقدير‪ -‬إلى أن يصبح‬
   ‫وما تضمنه من تكتيكات‬       ‫«مرئيًّا» من جانب أشخاص‬                       ‫العواقب ستكون متساوية‬
‫واستراتيجيات وتدريب على‬      ‫آخرين بحيث يستجيبون له‪،‬‬                       ‫أو غير مرضية‪ ،‬حينها يهدأ‬
‫وجه التحديد‪ ،‬للتأكد من أن‬      ‫ويفهمونه ويتعاطفون معه‬                       ‫الجمهور ويتيقن من فكرة‬
  ‫الحشد لا يفقد تركيزه أو‬                                                    ‫تضاؤل أثر الاحتشاد‪ ،‬بل‬
 ‫عقلانيته‪ ،‬فمن غير المرجح‬               ‫ويثق فيهم كليًّا‪.‬‬                ‫ومحاولة التخلي عنه أو القيام‬
 ‫أن يحدث العنف المندفع في‬        ‫فالإنسان في نهاية الأمر‬                  ‫به على شكل أساليب مقاومة‬
  ‫الحشود التي لديها بعض‬          ‫حين يق َّدر له أن يمضي‬                   ‫خفية‪ ،‬هنا فإن نظرية «عقلية‬
 ‫البنية الاجتماعية والتنظيم‬       ‫فار ًغا دون أن يراه أحد‬
                             ‫ودون أن يشعر به أحد كأنما‬                       ‫الغوغاء» تقف قاصرة في‬
      ‫الداخلي‪ ،‬ببساطة لأن‬      ‫قد أُقصي من الحياة لعدم‬                     ‫بعض الأحيان عن فهم متى‬
‫الفوضى العفوية ليست هي‬

                  ‫القاعدة‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1- Lerner, Adam B.”Pathological nationalism? The legacy of crowd psychology in interna-‬‬
‫‏‪tional theory.” International Affairs 98.3 (2022): 995- 1012.‬‬

   ‫‪ -2‬جوستاف لوبون‪ ،‬سيكولوجية الجماهير‪ ،‬ترجمة هاشم صالح‪ ،‬الطبعة ‪ ،19‬دار الساقي بيروت‪.1991 ،‬‬
                                                                            ‫‪ -3‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬

‫‪4- Lerner, Adam B. OP CIT.‬‬
‫‪5- Le Bon (1895). The English translation of this text is Le Bon (1896a). Le Bon (1894).‬‬
‫‪The English translation of this text is Le Bon (1898). Le Bon (1896b). The English transla-‬‬
‫‪tion of this text is Le Bon (1899).‬‬
‫‪6- I BID.‬‬
‫‪7- I BID.‬‬
‫‪8- Durkheim (1894). To my knowledge, the first English edition is Durkheim (1938).‬‬
‫‪9- Thonhauser, Gerhard.”A critique of the crowd psychological heritage in early soci-‬‬
‫‪ology, classic phenomenology and recent social psychology.” Continental Philosophy‬‬
‫‏‪Review (2022): 1- 19.‬‬
‫‪10- Lerner, Adam B. OP CIT.‬‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211