Page 208 - merit 54
P. 208

‫العـدد ‪54‬‬          ‫‪206‬‬

                                                             ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬   ‫مجموعة من الاستراتيجيات‬
                                                                              ‫التي يتبعها السياسيون‬
      ‫وعلى مستوى الدول‬       ‫نفسها أمام تصحيح مسار‬                            ‫للتحديد وقولبة السلوك‬
  ‫كان الشعار الذي قال به‬        ‫من الشعب‪ ،‬من أولوياته‬
   ‫الرئيس الأمريكي بوش‬        ‫إسقاط النظام الديمقراطي‬                      ‫الجماهيري وفق ما يتلاءم‬
                                                                            ‫مع آليات النظام وقواعده‪،‬‬
     ‫بعد تفجيرات الحادي‬      ‫الضعيف‪ .‬ولهذا نجد عدي ًدا‬
    ‫عشر من سبتمبر «من‬           ‫من الاستراتيجيات التي‬                        ‫في محاولة لمنع الوصول‬
   ‫ليس معنا فهو ضدنا»‪،‬‬         ‫هدفها الأول هو السيطرة‬                       ‫إلى حالة العنف أو الحشد‬
 ‫قد خلق بكلماته هذه حالة‬                                                    ‫الشعبي‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
   ‫من الرعب حول العالم‪،‬‬       ‫على سلوك الشعوب وهذه‬                       ‫من أجل السيطرة على الشعب‬
  ‫مما جعل الجميع يسعي‬            ‫الاستراتيجيات كالتالي‪:‬‬                     ‫وإخضاعه بشكل مستمر‪،‬‬
‫إلى أن يثبت أنه مع أمريكا‬       ‫‪ -‬استخدام الشعارات‪:‬‬
                                    ‫تستخدم السياسات‬                            ‫حتى يصبح الخضوع‬
      ‫وليس ضدها‪ ،‬وكأن‬                                                     ‫والانسياق لما تراه الحكومة‬
    ‫كل إنسان استشعر في‬         ‫الشعارات الجوفاء هادفة‬
  ‫نفسه أن خطاب الرئيس‬        ‫من هذه الشعارات بث حالة‬                                     ‫نم ًطا يوميًّا‪.‬‬
 ‫الأمريكي موجه إليه بذاته‬                                                          ‫فعلي الرغم من أن‬
  ‫دون غيره‪ ،‬مما خلق فيه‬        ‫معينة تريدها‪ ،‬والسيطرة‬                        ‫الديمقراطية نظام الحكم‬
  ‫شعو ًرا بالخوف‪ ،‬فيدفعه‬      ‫على الشعب واتباع سياسة‬                        ‫الوحيد الذي ولد من رحم‬
   ‫هذا الشعور إلى التفاني‬      ‫الكل‪ .‬فمث ًل شعار كشعار‬                        ‫الحراك الشعبي وحشد‬
    ‫في تقديم كل ما ُيطلب‬      ‫«كلنا إيد واحدة»‪ ،‬بالنظرة‬                  ‫الجماهير‪ ،‬إلا أن هذا لا يعني‬
‫منه‪ ،‬ليثبت أنه معنا وليس‬     ‫الأولى إلى هذا الشعار ندرك‬                      ‫أن الديمقراطية كسياسة‬
                                                                         ‫حاكمة لا تسعي إلى السيطرة‬
                  ‫ضدنا‪.‬‬         ‫أن المتحدث هنا‪ ،‬يتحدث‬                     ‫على سلوك الأشخاص داخل‬
          ‫‪ -‬أنت وحدك‪:‬‬            ‫بلغة الأغلبية وإنه يمثل‬                    ‫دولتها‪ ،‬وهذا قد يرجع إلى‬
  ‫تعمل الحكومة في أوقات‬          ‫الكل‪ ،‬مما يوحي أن من‬                        ‫أن النظام الديمقراطي لا‬
‫الأزمات على أن تص ِّدر لكل‬     ‫لم يوافق على هذا الشعار‬                        ‫يؤدي وظيفته كما يجب‬
  ‫مواطن رسالة مضمونها‬          ‫فهو من الأقلية‪ ،‬مما يولد‬                        ‫‪-‬وهذا بمثابة عوار في‬
   ‫«أنت وحدك الذي يفكر‬         ‫لدي الفرد الخوف من أن‬                         ‫النظام‪ -‬القيام بها خلال‬
    ‫على هذا النحو»‪ ،‬وذلك‬        ‫يكون ضمن هذه الأقلية‬                        ‫التعبير عن الشعوب وعن‬
  ‫عن طريق الإعلام خلال‬                                                     ‫طموحهم وآمالهم ورغبتهم‬
 ‫التركيز على البرامج التي‬          ‫التي تسير في النهاية‬                     ‫في العيش في حياة كريمة‪،‬‬
    ‫لا تقدم محتوي هاد ًفا‬          ‫وف ًقا لقواعد الأغلبية‪،‬‬                   ‫وإما أن الديمقراطية بعد‬
‫للشعب‪ ،‬وبعيدة عن تناول‬             ‫وبالنظرة الثانية فهو‬                     ‫وصولها إلى الحكم ترغب‬
     ‫المشكلات الاجتماعية‬      ‫خلال هذا الشعار يخاطب‬                            ‫في أن يكون الشعب في‬
   ‫الحقيقة أو الاقتصادية‬        ‫ذاتك الداخلية التي عليها‬                   ‫حالة انفصال وتشتت‪ ،‬لأن‬
     ‫الملوسة أو السياسية‬        ‫أن تثبت أنها ضمن الكل‬                          ‫التقارب والتماسك بين‬
   ‫الواقعية‪ ،‬مما يؤدي إلى‬      ‫من خلال الإيمان والعمل‬                       ‫أفراد الشعب قد يؤدي إلى‬
 ‫شعور المواطن بالاغتراب‬       ‫أي ًضا؛ لأنه من الراسخ في‬                  ‫محاولات التخلص من النظام‬
    ‫داخل بلده‪ ،‬وهذا فعل‬        ‫الثقافة الإنسانية دائ ًما ما‬                  ‫الحاكم الذي لا يقدم لهم‬
    ‫سياسي مدروس؛ لأن‬           ‫يزمر الكل أو الأغلبية إلى‬                     ‫الخدمات المنوط به القيام‬
   ‫هنا يبدأ الفرد بالتفكير‪:‬‬  ‫الصواب والأقلية إلى الخطأ‪،‬‬                        ‫بها‪ ،‬فتجد الديمقراطية‬
  ‫هل أنا بمفردي من يفكر‬      ‫فنسعي إلى نفي هذه التهمة‬
                              ‫عنَّا‪ .‬فتعمل الحكومات على‬
                                 ‫ابتكار شعارات لا نملك‬
                              ‫حيالها إلا الوقوف خلفها‪.‬‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213