Page 30 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 30
العـدد 23 28
نوفمبر ٢٠٢٠
حمدان الجبيلي
( تونس)
قتل الأب في الأقصوصة بين:
«اليد الكبيرة» ليوسف إدريس
و«شركس» للمياء بوكيل
مفهوم الموت والحياة في الأدب إنما هو مفهوم بنيوي فني لا دلالي ،فموت
الأب الإله ،الأب اليد الكبيرة كان مو ًتا حتم ًّيا إيجاب ًّيا حتى يفسح المجال
للابن الأكبر أن يتلألأ سرد ًّيا ويتفرد بالفعل والبطولة ،فهو لم يشعر
بقزميته إلا في حضرة والده العظيم ،موت الأب اليد الكبيرة موت مفعم
بالرضا لأنه أعطى وو ّفى ولم يستبق شي ًئا ،فهو إذن موت بحجم الخلود.
وموت الأب الشرير في أقصوصة «جركس» ،هو موت جسدي فحسب ،لأن
الأب الروح والرمز كان مي ًتا من زمان ،وحالة اليتم سابقة للحظة الموت.
الذي يمارسه الراوي ومن ورائه الكاتب على أحد من الثابت أن عناصر القص ضمن أي جنس
شخوص «قصته» ،وذلك بأن يجعله يموت ضمن
قصصي إنما هي أربعة :زمان يؤ ّطر الأحداث
خطته السردية ،سواء عبر الموت الطبيعي أو ومكان يحتويها وشخصيات تتحرك في الفضاءين
الانتحار أو القتل العمد أو القتل على وجه الخطأ السابقين ،وأحداث تدور ف ُتكسب جميع العناصر
أو عبر حادث ما ،وللتدقيق أكثر سنركز على «قتل السابقة قيمة وأهمية ودلالة نصية سياقية ،وعلى
الأب» أي موت الأب في الأقصوصة. هذا الفهم والأساس أكاد أجزم أن الحدث أ ّس
من المركوز في الأدب أن الكاتب يقتل الشخصية «القصة»؛ كل قصة ،باعتباره يجعل بقية العناصر
الخيّرة التي يرفع من شأنها ،ويعلي من قيمتها،
حتى يكون وقوعها انهيار بنيان يفعل فعل الإثارة حية نابضة فاعلة متفاعلة ،سواء فيما بينها أو
والتأثر في المتلقي ،ولكن قد نتفاجأ بقصة يقتل ضمن العنصر الواحد ،فحدث «التعاون» على سبيل
الأدي ُب فيها البطل الشرير قت ًل جزاء ما ر ّوع وزرع، المثال في قصة ما ،قد يسهم في كشف العلاقة بين
ولكن حدث القتل /الموت هذا يخلف في أنفسنا الإطارين كما يسهم في كشف العلاقة بينهما وبين
شعو ًرا عجيبًا غريبًا متداخ ًل وغير مفهوم ..تموت الشخوص ،وهو بدوره –الحدث -يكشف العلاقات
الشخصية التي َقتَّ َل ْت سواء على الحقيقة أو على
المجاز والاستعارة ،لأن إهمال العيال في تقديرنا قتل بين الشخصيات ضمن نفس العنصر.
والحدث الذي رمنا البحث فيه خلال عملنا هذا هو
«القتل» بالمعنى المجازي الفني للكلمة :أي القتل