Page 296 - Nn
P. 296

‫العـدد ‪35‬‬                          ‫‪294‬‬

                                      ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫نفسها‪ ،‬على أنها نسيج ولون‪ ،‬إن ُه‬          ‫لم يفرض هذا الأسلوب مرة‬           ‫ستتحول إلى رقعة ذات بعدين‬
  ‫يبرهن على أن الشعور يمكن أن‬         ‫واحدة‪ ،‬وإنما توصل إلى اكتشافه‬        ‫ربما تسجل كل مكونات اللوحة‪،‬‬
   ‫يولد من الخامة بنفس الحيوية‬
  ‫التي يولدها الرسم التصويري‪.‬‬            ‫بإسقاط من لوحته ما يريد أن‬           ‫فلوحته تشهد استقلاليته عن‬
  ‫وفي مرحلته الفنية التي وصفها‬           ‫يتخطاه‪ ،‬أي التصوير والرسم‬             ‫كل موضوع وعن كل شيء‬
‫هو بأنها “مرحلته البيضاء”؛ فإن‬                                            ‫خارج عنه‪ ،‬إنها تنغلق على نفسها‬
 ‫الخامة تزداد سم ًكا مش ِّكل ًة بذلك‬                     ‫التشخيصي‪.‬‬         ‫متضمنة في نفس الوقت بدايتها‬
   ‫“النص الأول” الذي يعبر عنه‪،‬‬            ‫وفي اللوحة الأولى لبداية هذه‬          ‫ونهايتها‪ ،‬وسائلها وغايتها‬

    ‫ولكن لتمسكه بأسلوب المسح‬                ‫المرحلة فإن الرجوع للوحة‬             ‫ومكونة بذلك لوحة فنية‪.‬‬
 ‫وإعادة الرسم فهو يمسح بخامة‬          ‫“الحائط” لا يعني بالنسبه لكنعان‬         ‫وإذا كان كنعان قد انطلق من‬
‫أكثر خفة وأكثر شفافية‪ ،‬فيتراءى‬                                             ‫موضوع تصويري وهو النوبة‪،‬‬
  ‫من تحتها التعبير الأول بتغطية‬           ‫الوقوع في منطق التصوير‪ ،‬إذ‬       ‫فإنه تخلص من الموضوع وعثر‬
                                       ‫ليس له أي معنى رمزي أو غيره‬            ‫على غايته المطالبه بالاعتراف‬
     ‫المساحة جزئيًّا‪ ،‬أو باستغلال‬      ‫يتعلق بالزمن أو الوقت أو بؤس‬        ‫بالسطح المرسوم‪ ،‬كما هو عليه‪،‬‬
     ‫الشفافية فيها‪ .‬كان يقول إنه‬        ‫المكان‪ .‬إن العلاقة المتواجدة بين‬      ‫بدون اللجوء إلى ما توحي به‬
     ‫يرسم الأبيض على الأبيض‪..‬‬                                             ‫الصورة‪ .‬وهو كما سبق وعرضنا‬
  ‫لكنه أب ًدا لم يكن الأبيض الباهت‬        ‫اللوحة وبين أي حائط متدا ٍع‬
  ‫الأصم وإنما المتكلم الحي الثري‬           ‫للقاهرة هو من وحي الحس‬
     ‫بالتجاعيد والظلال والسهول‬             ‫والانفعال المتولد من الخامة‬
   ‫والهضاب والبحيرات‪ ،‬المتزاحم‬
     ‫بالأذرع والسيقان والحوافر‬

      ‫والمخالب والأنياب والريش‬
    ‫والأسود والجمال‪ ،‬إضافة إلى‬
    ‫الاعتدالين الربيعي والخريفي‬
    ‫وحركات المد والجزر وتعاقب‬
‫الشمس والقمر والمحاق والسحاب‬
‫ومجرات الكواكب وهذيان الحموم‬

               ‫ومجاميع النجوم‪.‬‬
  ‫إن الشكل لا يولد من النقطة أو‬
 ‫الخط أو المفردات الهندسيه وإنما‬
   ‫يولد من أسلوب المسح وإعادة‬
 ‫الرسم‪ ،‬إن كنعان لا يقدم الشكل‬
‫على ما هو عليه‪ ،‬وإنما يظهر رغ ًما‬
‫عنه منبث ًقا من لعبة الفنان بالخامة‬

                        ‫واللون‪.‬‬
  ‫وعلى مدى ثلاث سنوات تقريبًا‬

     ‫من ‪ 1964‬وحتى ‪ 1967‬يقلل‬
 ‫كنعان من نشاطه الفني‪ ..‬وعندما‬

     ‫يستعيد فرشاته فإنما ليحدد‬
 ‫بوضوح انفصاله عن المجموعات‬
   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300   301