Page 40 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 40
العـدد ١٩ 40
يوليو ٢٠٢٠
الطليعيين الذين قادوا موجة الحداثة في مطلع
السبعينيات في البحرين ،وأ َّسسوا للتحول من
مرحلة الإحياء والرومانسية إلى المدرسة الرمزية.
علوي الهاشمي )٣
أن أرى
سيتناول هذا البح ُث ما يمكن وصف ُه بالإشارات
الميثولوجية المتناثرة في قصيدة «صع ٌب أن أرى»
للشاعر علوي الهاشمي ،والتي وإن كانت قد لا
تشك ُل ُك ًّل مترا ًّصا يجع ُل القصيد َة ملحمة ميثولوجية
كما قد يعتق ُد معتق ٌد ،إلا أن هناك إشارات لا تخطؤها
عين القراءة الفاحصة اتكاء بالخصوص على مركزية
(الرؤية) في ملحمة جلجامش ،والتي تبدأ بهذا
الجواب المبين الذي يختصر كل الملحمة في تسع
كلمات استهلالية ،ثم تصبح هي بدورها تذيي ًل لكل
لوح من ألواح الملحمة الإثني عشر ،وهو من أجمل
إبداعات التدوين الأكادي قبل نحو خمسة آلاف سنة،
وكأننا أمام أحدث المدونات الورقية المعاصرة،
حيث نضع عادة في وثائقنا الحديثة عنوان الوثيقة
في ذيل الصفحات Footerفي نسخة الوورد
،Wordوهذه الكلمات التسع التي نشير إليها في
ذيل كل لوح من ألواح الملحمة الاثني عشر هي:
«هو الذي رأى كل شيء ،فغنِّي بذكره يا بلادي»
وفي ترجمات أخرى:
«هو من أخص ُه بمديحي»« ،لأخبر َّن بلادي ع َّمن
رأى كل شيء».
لكن السؤال البديهي الذي سيطرحه قارئ هذه
الورقة هو أننا هنا إزاء قصيدة هي أص ًل تنعي
الرؤية وتستصعبها« ،صع ٌب أن أرى» ،فمن أين لنا
أن نجعلها في سياق الملحمة التي ُتعنو ُن وتسته ُّل
وتخت ُم بمديح «الذي رأى كل شيء»؟!
مركزية «صع ٌب أن أرى» في القصيدة :بمقابلة
ملحمة جلجامش ،تتجلى عبارة «صع ٌب أن أرى» في
عنوان القصيدة ثم تعاود تذكيرنا بصعوبة الرؤية
في متن القصيدة في عدة صيغ:
«صع ٌب أن أرى وجه المرايا»
«صع ٌب أرى وجه المرايا»
ثم في عو ٍد على بدء العنوان:
«صع ٌب أن أرى»« ،صع ٌب»