Page 45 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 45

‫ستعود القصيدة بنا القهقرى‬                                   ‫بل الشاعر هو البطل العظيم‬
                                                       ‫والمهزوم العظيم أي ًضا في الوقت‬
‫لئلا نتص َّور أن القرابين كسبت‬

‫الجولة‪ ،‬ما يزال في النص متسع‬                           ‫ذاته‪.‬‬

‫للموت والبعث والموت والبعث‪.‬‬                            ‫ستعود القصيدة بنا القهقرى‬
                                                       ‫لئلا نتص َّور أن القرابين كسبت‬
                                                        ‫الجولة‪ ،‬ما يزال في النص متسع‬
‫ما يزال على الدم أن يتكبد مزي ًدا‬                      ‫للموت والبعث والموت والبعث‪ .‬ما‬
      ‫من الخسائر‪ ،‬ليصنع قصيدة‬                          ‫يزال على الدم أن يتكبد مزي ًدا من‬

‫حقيقية‪ ،‬حيث الشعر تصنع ُه‬                               ‫الخسائر‪ ،‬ليصنع قصيدة حقيقية‪،‬‬
   ‫الهزائم المبجلة أكثر مما‬                            ‫حيث الشعر تصنع ُه الهزائم المبجلة‬

                                                            ‫أكثر مما تصنع ُه الانتصارات‪،‬‬
                                                       ‫وحيث ‪-‬مرة أخرى‪ -‬نح ُن لسنا في‬
‫تصنع ُه الانتصارات‬                                      ‫زمن قصيدة المدرسة الرومانسية‬

                                                       ‫الشهيدة الواثقة من جمال انتصارها‬

                                                       ‫عبر التضحية‪ .‬كلا‪ .‬نحن في قصيدة‬

‫المدرسة الرمزية القلقة من ذاتها ومما حولها‪ ،‬غير القصيدة الحقيقية التي تبدأ عندما تنتهي مرة أخرى‬
                                                       ‫الواثقة من أي شيء أب ًدا‪ ،‬إلا من كونها تحاول أن‬
                           ‫بـ«صع ُب أن أرى»‪.‬‬                    ‫توجد في عالم لا حنان ولا رحمة فيه‪:‬‬
‫الدم فوق المرايا التي هي وسيلة الشاعر ليرى‬
                                                             ‫«هل أصحو غ ًدا؟‬
  ‫ذات ُه‪ ،‬ليرى َجمال ُه‪ ،‬كما رأى نرسيس وسا َمت ُه على‬  ‫صع ٌب أرى وجه المرايا‬
‫سطح مرآة الماء‪ ،‬فهام في حب ذاته‪ ،‬وكذا كل شاعر‬          ‫والدم الحالم يستوقفني الليلة‬
                                                                   ‫في معطفه الكاكي‬
‫هو نرسيس‪ ،‬لكن فقط لو أتيح له أن يرى َجمال ُه في‬
                                   ‫المرآة ليكتب‪.‬‬       ‫هل أصحو؟‬

‫لقد وجدنا هذه المرايا عندما ساح جلجامش في‬
‫الغابة بحثًا عما يطف ُئ حزن ُه الكبير بفقد ِه حبيبه‬    ‫(هو الصبح‬

‫أنكيدو‪:‬‬                                                ‫جلس ُت على أريكته‬
                                                                       ‫وأرهف ُت دمي‪ .»)..‬القصيدة‬
‫«وبعد أن قط َع اثنتي عشرة ساعة مضاعفة‬                  ‫قل ٌق يتجلَّى في الانشطار بين ي ٍد تحاول الكتابة‬
                                 ‫ع َّم النور‬
‫وأبص َر أمام ُه أشجا ًرا تحم ُل الأحجار الكريمة‬        ‫بالدم في صفحة الطين‪ ،‬وأعضاء تقاوم الكتابة‬

‫ولما رآها اقترب منها‬                                   ‫بجمودها في تخشبها الصلصالي‪:‬‬

         ‫فوجد الأشجار التي أثما ُرها العقيق‬            ‫«كانت يدي تنمو وأعضائي تموء‬
    ‫وتتد َّلى الأعنا ُب منها ومرآها يس ُّر الناظر‬              ‫ودمي يشطرني نصفين‪:‬‬
‫ووجد الأشجار التي تحم ُل اللازور َد فما أبهى‬                           ‫لو تسجد للطين‬

‫دمي يشطرني نصفين‪ :‬مرآها‬
‫رأى الشوك والعوس َج الذي يحم ُل الأحجار‬                ‫لو تضح ُك للطين»‪ .‬القصيدة‬

‫الكريمة واللؤلؤ البحري»‪ .‬اللوح التاسع‪-‬‬                 ‫لكن هذا الدم سيحس ُم اعتراف ُه لنا‪ ،‬بأن ُه ليس كما‬
                                                       ‫يشتهي حضوره في طفولة الكتابة على معصم‬
‫العمود الأول‪ -‬ملحمة كلكامش‪ -‬ترجمة طه باقر‪.‬‬
                                                       ‫القرى‪ ،‬بل هو مجرد صورة معلقة على جدران‬
‫إن شجر الشوك والعوسج هو الزقوم في قصيدة‬
                                                       ‫الخوف‪ .‬نهاية قد لا ترو ُق لنا نح ُن الممتلئون بآمال‬
  ‫«صع ٌب أن أرى«‪ ،‬وهو برغم كونه زقو ًما‪ ،‬إلا أنه‬        ‫كثي ًرا ما نخدعها‪ ،‬حتى لا أقول تخدعنا‪ ،‬لكنها هي‬
‫يحم ُل الأحجار الكريمة واللؤلؤ‪ .‬الز ُّقوم ضد نفسه‪.‬‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50