Page 47 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 47
47 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
علوان الجيلاني
(اليمن)
واقع الحال وتصادم الأحوال..
في علاقة شمس الشموس
بالباهوت أحمد بن علوان
علاقة الباهوت أحمد بن علوان بشمس الشموس أبي الغيث بن
جميل ،سارت تما ًما على نفس السيناريو في علاقة شمس الشموس
بشيوخه من قبل :ح ٌّب با ِذخ من المريد وإكبا ٌر لا حدو َد لهما للشيخ،
وفر ٌح وإعجا ٌب من الشيخ لا حدود لهما بالمريد .عندما بدأ عود ولاية
الباهوت يشت ُّد كانت شهرة شمس الشموس ،وأضواؤه تملأ أرجاء
اليمن وتمت ُّد إلى خارجها.
يوصي الحكمي والبجلي :بعد موتي سيحاول أبو بين شمس الشموس أبي الغيث بن جميل،
الغيث أن يرث زاويتي فإذا فعل ذلك اطرداه منها!
والباهوت أحمد بن علوان ،علاقة زاخرة بالمفارقات،
لماذا فعل الأهدل ذلك؟! شمس الشموس كان قاطع طريق ،تاب ثم تص َّوف،
وهل فعله دون مبرر؟! وعندما تصوف اتسمت علاقته مع شيوخه بوجود
الظاهر هو هذا ،لأن كتب المؤرخين لم تذكر لنا نقيضين فيها ،تتلمذ لابن أفلح في زبيد ،وكان منهج
وقائ َع تم ُّر ٍد من أبي الغيث ضد شيخه الأهدل ،بل
هي على العكس من ذلك تمدنا بكثير من أوصاف ابن أفلح منه ًجا تربو ًّيا يعتمد على ستر الأحوال،
شخصية الأهدل الاستثنائية ،مروية عن أبي الغيث وإخفاء الكرامات ،ولكن أبا الغيث أكثر تلاميذ ابن
بن جميل ،كما أنها قديمها ومتأخرها لا تفتأ تعيد أفلح نجابة وشهرة ،يخالف شيخه ويتص َّرف مرا ًرا
وتكرر عبارة أبي الغيث الشهيرة في وصف مقدار من عند نفسه ،بل يصدمه بين الحين والآخر بإظهار
استفادته من شيخه الأهدل( :خرجت من عند ابن كرامة مدوية تهتز لها أرجاء زبيد ،وحين يضيق
أفلح لؤلؤ ًة به َما ..فثقبها الأهدل وعلقها في عنقي). ابن أفلح به ويصارحه بأن زبيد لم تعد تتسع لهما
قال اليافعي معل ًقا عليها :كأنه يشير إلى أن م ًعا ،يحاول بكل طريقة استرضاءه من أجل البقاء
محاسن أحواله المشكورة كانت عند ابن أفلح عنده والالتزام بطاعته ،لكن الشيخ يرفض ويأمره
مستورة ،فلما صحب الأهدل أظهر محاسنه التي بالتوجه إلى الأهدل في سواد وادي سهام (مدينة
يجليها عليه لكل من يجتليها.
وإذن فعلاقة المريد بشيخه الذي أزال غيمته عن المراوعة حاليًا).
شمسه وفتح عينيه على إمكانات الولاية الكامنة فيه وبعد أن يحصل من الأهدل على كل ما سينفعه
لم ت ُش ْبها شائبة ،فلماذا أوصى الأهدل قبل موته بقية عمره كله ،الأمر الذي يوحي لنا أن الأهدل الذي
سيموت بعد ذلك مباشرة ،كان راضيًا قبل موته عن
تلميذه ،نفاجأ بوصيته تفصح عن عكس ذلك ،فهو