Page 49 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 49

‫كان الأهدل يلاحظ جرأة أبي‬                         ‫وبمقدار ما كان أبو الغيث أشهر‬
 ‫الغيث بعد انفصاله عنه‪ ،‬فهو‬                        ‫تلاميذ أولئك‪ ،‬إلى درجة أنك لا تجد‬

   ‫إضافة إلى جاذبية شخصيته‬                            ‫لأحد منهم ترجمة في كتاب من‬
  ‫الشديدة التي تضيف ك َّل يوم‬                      ‫الكتب دون هذه العبارة‪( :‬وهو الذي‬
‫أتبا ًعا جد ًدا‪ ،‬فإنه لا يتوانى عن‬                 ‫تحكم له شمس الشموس أبو الغيث‬
  ‫اجتذاب أتباع مه ِّمين لشيوخ‬                       ‫بن جميل‪ ،‬وأخذ اليد عنه)‪ .‬سيكون‬
‫كبار‪ ،‬كان الأهدل نفسه يراهم‬                        ‫أحمد بن علوان أشهر تلاميذ شمس‬
                                                   ‫الشموس أبي الغيث بن جميل الذين‬
     ‫أكبر منه مقا ًما‪ ،‬إضافة إلى‬                   ‫تحكموا له وأخذوا اليد عنه‪ ،‬ولبسوا‬

                                                                        ‫الخرقة منه‪.‬‬

                                                                 ‫>>>‬

‫كونهم أكبر منه سًّنا‬                               ‫علاقة الباهوت أحمد بن علوان‬

                                                   ‫بشمس الشموس أبي الغيث بن‬

                                                   ‫جميل سارت تما ًما على نفس‬
                                                    ‫السيناريو في علاقة شمس‬

‫ولذلك الوادي ثر ًى فاق الثرى‬                       ‫الشموس بشيوخه من قبل‪ .‬حب‬

‫ويود لو أن ينطوي بكتابه‬                            ‫باذخ من المريد وإكبار لا حدود‬
‫فيكون ألفا ًظا به أو أسطرا‪.‬‬
                                                   ‫لهما للشيخ‪ .‬وفرح وإعجاب من‬

‫غير أن الرسائل لا تروي ُغلة المشتاق لهذا أزمع‬      ‫الشيخ لا حدود لهما بالمريد‪ .‬عندما‬

‫الرحلة إليه‪ ،‬لم تذكر لنا المصادر التاريخية ارتحال‬  ‫بدأ عود ولاية الباهوت يشت ُّد كانت شهرة شمس‬

‫ابن علوان إلى أحد غيره من صوفية وشيوخ ذلك‬          ‫الشموس‪ ،‬وأضواؤه تملأ أرجاء اليمن وتمت ُّد إلى‬

‫الوقت الكبار‪ ،‬وكل من ارتبطوا به كانوا من نفس‬       ‫خارجها‪.‬‬

‫منطقته‪ ،‬صبر وجبا ويفرس‪ ،‬وذي سمكر في منطقة‬             ‫كان الباهوت أحمد بن علوان يتح َّرق شو ًقا‬
                               ‫الجند وما حولها‪.‬‬    ‫للقاء شمس الشموس ورؤيته فبدأ يراسله (تؤ ِّكد‬

‫>>>‬                                                ‫المصادر التاريخية أن مراسلة كثيفة وقعت‬

                                                   ‫بينهما)‪ ،‬ولدينا من تلك المراسلات مقطوعة شعرية‬

‫وصل الباهوت إلى مقام شمس الشموس‪،‬‬                   ‫للباهوت لم يفطن لها دارسو الباهوت على كثرتهم‪،‬‬

‫وبإمكاننا –رغم عدم ذكر ما اطلعنا عليه من كتب‬       ‫وهي تظهر مدى الشوق الذي يغتلي في داخله‬

‫التاريخ‪ -‬أن نتخيل مقدار الحفاوة التي لقيها عند‬     ‫للقاء شمس الشموس‪ ،‬كما تعبر عن بالغ التقدير‬

‫وصوله إلى منقطة وادي سردد ودخوله دير‬               ‫والاحترام والإجلال إلى الحد الذي يتمني فيه‬

‫الباهوت تعفير جبينه بتراب المكان (وادي سردد) عطا مقر إقامة شمس الشموس‪ ،‬وموضع زاويته‬

‫ورباطه‪ ،‬حيث اختار أن تتساقط ثمار تجربته‬            ‫الذي يعيش فيه شمس الشموس‪ ،‬تقول رسالة‬

‫ويمضي إلى ختام حياته‪ ،‬بعد تطواف طويل في‬            ‫الباهوت‪:‬‬

‫البلاد بنى فيه عشرات الأربطة والزوايا‪ ،‬أو أشار‬     ‫يهدي السلام معز ًزا وموقرا‬
                                                       ‫ومبج ًل ومعظ ًما ومقدرا‬
‫على تلاميذه ببنائها في سائر أرجاء اليمن بل حتى‬     ‫ويقابل النادي بوادي سرد ٍد‬
                              ‫في مكة والمدينة‪.‬‬       ‫مستقب ًل ومقب ًل ومعفرا‬
                                                   ‫فلذلك النادي م ًل فاق الملا‬
‫لا تتو َّسع كتب التاريخ أو كتب التراجم والطبقات‬
‫–أعني ما اطلعنا عليه منها– في ذكر مجريات كثيرة‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54