Page 46 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 46

‫العـدد ‪١٩‬‬                             ‫‪46‬‬

                                                           ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

     ‫هي حكاية فناءه وسب ُب خلوده في الوقت ذاته‪.‬‬                 ‫هو الذي ينمو «بين العين والعين»‪ -‬القصيدة‪،‬‬
‫بإزاء مرايا بطل أوروك البائس في بحثه عن خلود‬                      ‫ويمن ُع رؤية المرايا‪ ،‬لكن ُه يحمل الحل َم أي ًضا‪،‬‬
                                                                                         ‫بقصيدة مستحيلة‪.‬‬
    ‫لا ُيطال والمتدلية فروعها باللؤلؤ والجواهر‪ ،‬فإن‬
‫المرايا التي في قصيدتنا هنا جم َد عليها الد ُم‪ ،‬المتخث ُر‬   ‫ليس للسفر مهما طال إذن أن يطف َئ حزن الفاقد‬
                                                            ‫على الفقيد؟ وأ ّنى ل ُه ذلك وهو حز ٌن مشو ٌب برعب‬
  ‫على جدران إسمنت الزمن فجعل الرؤية مستحيلة‪،‬‬                 ‫الخوف على الذات‪ ،‬خو ِف الجزء الإلهي من الجزء‬
  ‫وهي استحالة لا بد منها لتكون الرؤيا ممكنة‪ ،‬حيث‬            ‫البشري الطيني في الكائن ذاته‪ ،‬الخو ِف من مصير‬
‫فقط عبر استحالة الرؤية يصب ُح الحل ُم نو ًرا مضاع ًفا‪:‬‬
                                                                 ‫الفناء‪ .‬من أن يتغل َب الثل ُث البشري على ثلثي َه‬
        ‫«دمي أيقون ٌة ج ّمدها الخوف على تاج‬                   ‫الإلهيين فيفنى‪ .‬وهنا لن يكون أمام جلجامش إلا‬
                                 ‫من الإسمنت‬                ‫الكتابة وحدها لا غير سبي ًل للخلود‪ .‬لذلك عاد خائب‬
                                                             ‫الأمل من الخلود خالي الوفاض من حبيبه أنكيدو‪،‬‬
                               ‫صع ٌب أن أرى‬                ‫لكن ليقرر أن يدون في ألواح الطين قصة بحثه التي‬
                                       ‫صع ٌب‬

               ‫‪-‬دمي فوق المرايا‪ .»-‬القصيدة‬

‫قصيدة (صع ٌب أن أرى)‬

                        ‫هل أصحو؟‬                                                 ‫ها هنا‪..‬‬
                       ‫(هو الصبح‬                           ‫لا ينب ُت الليلة إلا شجر الزقوم‪،‬‬
                ‫جلس ُت على أريكته‬
                   ‫وأرهف ُت دمي‪)..‬‬                                    ‫بين العين والعين‪،‬‬
           ‫ساكن في صحوة الطين‬                                ‫وصع ٌب أن أرى وجه المرايا‬
             ‫وليلي كفن يضحك لي‬                             ‫والدم الحال ُم يستوقفني الليلة‬
    ‫كانت يدي تنمو وأعضائي تموء‬
           ‫ودمي يشطرني نصفين‪:‬‬                                     ‫لا أسج ُد للطي ِن ولا للور ِد‬
                   ‫لو تسجد للطين‬                            ‫بل أفتح صدري للسكاكين التي‬
            ‫دمي يشطرني نصفين‪:‬‬
                  ‫لو تضح ُك للطين‬                                                ‫تضح ُك لي‬
                                                                                  ‫أشفارها‪:‬‬
               ‫>>>‬
                                                                         ‫هيا ادخلي كالبر ِق‬
                    ‫دمي ليس قرى‬                                  ‫أو فانسربي بين شراييني‬
        ‫يلغو على معصمها الأطفا ُل‬                            ‫سأطوي جسدي الليلة في رك ٍن‬
                                                                ‫وأرمي جثث الأحلام للتني ِن‬
                            ‫والبح ُر‬                        ‫هل أصحو غ ًدا للريح حين تدق‬
‫دمي أيقون ٌة ج َّمدها الخوف على تاج‬
                                                                                ‫باب القلب؟‬
                       ‫من الإسمنت‬                          ‫هل أصحو غ ًدا للطير وهو يص ُّب‬
                     ‫صع ٌب أن أرى‬
                                                                   ‫في روحي شوا َّظ الحب؟‬
                             ‫صع ٌب‬                                          ‫هل أصحو غ ًدا؟‬
                ‫‪-‬دمي فوق المرايا‪-‬‬
                                                                    ‫صع ٌب أرى وجه المرايا‬
                                                              ‫والدم الحالم يستوقفني الليلة‬

                                                                          ‫في معطفه الكاكي‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51