Page 41 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 41
«وفعلا استيقظ جلجامش
في تلك اللحظة
وأخذ يق ُّص على أمه رؤياه قائًل
يا أمي لقد رأيت الليلة ُحل ًما
رأي ُت أني أسيُر بين الأبطال
فظهرت كواك ُب في السماء
وقد سقط أحدها إل َّي
وأرد ُت أن أرفع ُه فلم أستطع
ازدحم الناس حوله وقبلوا قدميه
أحببت ُه وانحني ُت عليه
كما أنحني على امرأة
رفعت ُه ووضعت ُه تحت قدمي ِك
فجعلت ِه نظيًرا لي»
فهل نحن إذن أمام مركزية طاغية للعمى في منحوتة تمثل
القصيدة؟ البطل جلجامش،
أشور ،العراق
)٤ 705-721ق .م
محفوظة بمتحف اللوفر،
صعوبة الرؤية /رؤية الصعوبة باريس
ثم سؤال آخر أي ًضا ينبعث هنا ،هل أن «صع ٌب
أن أرى» تعني أنه صع ٌب لفرط ما أراه ،لبشاعته،
لقسوته ،ما يذكرنا بالعذاب الرامبوي الذي يدعو إليه
آرثر رامبو الشاعر ليكون رائيًا ،أي أن ثمن الرؤية
-لا الرؤية ذاتها -هو الصعب ،لأنها رؤية لا ُتطاق،
وبالتالي سوف تعني «صع ٌب أن أرى» هنا« ،صع ٌب
ما أرى» أي أن الشاعر في الحقيقة يرى كل الرؤية،
ولذلك فالأمر صع ٌب« ،كلما ازداد المرء معرف ًة ،ازداد
أ ًسى -العهد الجديد» .وبقدر اتساع ما يراه ،يعلو
صراخه« :صع ٌب ..صع ٌب ..صع ٌب» ،كأن العبارة
تضيق عن وصف ما يرى« ،كلما اتسعت الرؤية
ضاقت العبارة -النفري» ،ذلك أنه لا يحجبه شيء
حتى «شجر الزقوم بين العين والعين -القصيدة»،