Page 84 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 84
العـدد ١٩ 84
يوليو ٢٠٢٠
قم يا درش فاغتسل وتطهر واجعلها تنزلق مع الدرك الأسفل من العوج ،أفسدت عليك خمس
ماء غسلك إلى البلاعة ،هذا هو المكان الوحيد الذي سنوات ،ثم تريد أن تد ِّمر ما بقي لك من عمر ،كيف
يليق بها وتليق به. يا مصطفى تكون فقي ًرا ،وثقتك بنفسك صف ًرا ،ثم
تكون متكب ًرا قاسيًا ف ًّظا غلي ًظا متغطر ًسا؟
>>>
الأمر واضح يا ولدي وأخي وضوح شمس
مرت سبع وعشرون سنة على تلك الجلسة ،ماتت الظهيرة ،هى تريد تشويش رؤيتك لنفسك ،تريد
فيها أمه ولحق بها أبوه وتزوج فيها المرأة التي أن تلقي بك فريسة للإحساس بالذنب ،ستنجح في
ستكرهه ،ومع كرهها فقد ولدت له بنتًا وولدين.
تحقيق أهدافها عندما تستسلم أنت لها.
عندما خارت قواه تحت وطأة فشله في إصلاح أخي ًرا عادت لمصطفى إرادته فاكتشف أنه لا يزال
الأمور بينه وبين زوجه جاءه صوت أبيه« :اسمع
قاد ًرا على الكلام فقال :لماذا فعلت ما فعلت ،كان
يا درش هل قصر نوح ولوط في الإحسان إلى بمقدورها هجري عبر ألف طريقة غير الطريقة التي
امرأتيهما؟ إنهما من المعصومين يا ولد ،لقد ابتلاهما
اختارتها؟
الله بامرأتين نعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم». علت علامات الحزن وجه الأب وقال :كلمة لماذا
ذهب عنه صوت أبيه فكف عن محاولة الإصلاح هذه هى أول الخراب ،لن تحصل على إجابة ،فتظل
لماذا هذه تكبر وتتم َّدد حتى تسد عليك الأفق ،فتنام
وأراح رأسه على جدار الاستسلام. عليها وتصحو عليها ،تلك البنت هى مصاصة دماء
لم تفسد قصة نوال علاقاته بالناس ،ولكنها لا أكثر ولا أقل ،مصت دمك خمس سنوات ،وعندما
صنعت للعلاقة إطا ًرا جدي ًدا لا يمكنه تجاوزه ،يقول تأكدت من نفاد ما لديك ،بحثت عن آخر تمتص دمه،
له أحدهم« :صباح الخير» فيرد «صباح الخير» ،بعد ثم ستبحث عن ثالث ورابع ،وستظل هكذا تتخبط في
نوال لم يرد قط مبته ًجا« :صباح الخير صباح الهناء دماء ضحاياها إلى أن يهلكها الله ،فمثلها لا يعرف
صباح السرور» ،هي كلمة وردها ،يقول له أحدهم: الشبع أب ًدا ،ثم يا أخي تسمعهم يقولون :اتق شر من
«خذ» فيرد« :هات». أحسنت إليه.
نبع التدفق والمبالغات اللطيفة جف بداخله ،لم يعد عندما تحسن إلى خسيس وضيع فكأنك تطعنه في
يبادر بالإحسان ولا بالإساءة ،أصبح محتميًا بكهف
قلبه ،لأن إحسانك يذكره دائ ًما بخسته ووضاعته،
رد الفعل. هو يرى إحسانك بوصفه ذنبًا عظي ًما ترتكبه في حقه
>>> فلا يغفره لك أ ًبدا.
ستسألني :لماذا؟ يا أخي ونفس وما سواها
عندما حصل مصطفى على شهادة الهندسة قسم فألهمها فجورها وتقواها ،إن أعقد شيء في خلق
عمارة ،كانت الحكومة تقوم بتعيين الخريجين ،ومع الله هو النفس البشرية ،فقم وبارك لنفسك خروجها
ذلك لم يتقدم من أبناء دفعته للعمل الحكومي سوى من حياتك ،كانت ستقودك إلى الجنون ،ثم يا أخي
ألا تخجل من جلوسك كتلميذ بين يدي رجل عجوز
قلة لا تكاد تذكر ،كان هو من تلك القلة. يعمل بتدريس اللغة العربية في مدرسة مغمورة؟
الكثرة سافرت إلى الخليج فور تخرجها ،وبعضهم أنا لم أتعلَّم كما تعلمت ،ولم أشاهد كما شاهدت،
ولم أسمع كما سمعت ،ولم أقرأ كما قرأت ،فكيف
ذهب إلى الشركات والمكاتب الهندسية الخاصة،
حيث المال الوفير ،والمستقبل اللامع. تسمح لنفسك بأن أنصحك؟
لماذا قبل بالعمل الحكومي؟
كان يراهن على أن عمل الحكومة سيتيح له الأمان