Page 50 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 50
العـدد 37 48
يناير ٢٠٢2
نجد بع ًدا زمنيًّا آخر ،وتأتي أي ًضا في سياق الذي يتحدث عن الحياة التي عاشها جدي الياس
الحديث عن «المبروك يحيى» .يذكر التاريخ أن الشمندوري» ،تلك الحياة التي عاشها «في محيط
أول سيارة دخلت مدينة القدس كانت في سنة بحيرة طبريا ،قرب أجران المياه الكبريتية الساخنة»،
ورغم العثور على الكتاب إلا أنه كان معطو ًبا وقد
،1912واستغرق الأمر وقتًا أطول من ذلك حاول أن يرممه إلا أنه فشل ،لذلك حاول أن يكمل
لدخول السيارات إلى القرى والأماكن النائية، بعض الأحداث التي عرفها عن طريق المناقلة في
ولكن في زمن الاحتلال البريطاني زاد عدد تملك
الفلسطينيين للسيارات ،وهذا يعني تغير أحوال الروايات .وهذا يعني ميلاد جديد للمكان ،بناء
على رؤية الأحفاد الذين أخذوا حكايات أجدادهم،
الناس وحياتهم الاجتماعية.
وثمة بعد زمني آخر ،الميناء التي ذهب إليها والد واستكملوا بناء الحكاية من أفواه الآخرين ،مما
عبودة (عزيز) للعمل بها في حيفا« ،ذهب إلى الميناء يعني أن المكان أعيد بناؤه وفق رؤيتين :رؤية
ليعمل هناك ،منذ وقت بعيد ،حين جفت البحيرة
وصارت أطرافها حقو ًل من الملح ،وحين غار النهر قديمة (الأجداد) ،ورؤية جديدة (الأحفاد)،
وصار مخاضات ضحلة وأقل» .هذا الميناء أنشئ وللأجيال الجديدة مسارب ودروب أخرى متباينة
في سنة ،1922وافتتح رسميًا في سنة .1933 مع رؤية الأجداد ،وإن حافظت على تراثهم.
بدأت الناس تذهب إلى الميناء من جميع القرى ويعود ليؤكد على هذا البعد الزماني وميلاد المكان
والمدن بعد أن ضاقت عليهم الحياة وسبل العيش من جديد ،حينما يتحدث عن طبريا ،وقصة (ريا..
طب) ،تلك الفتاة التي شفيت على مراحل ،كل مرحلة
كانت مدتها أربعين يو ًما ،ودلالة الأربعين هنا هي
إعادة تكون الإنسان في رحم الأم إلى أن يكتمل بعد
تسعة أشهر ،أي أن الحياة في هذا المكان أعيد بناؤها
من جديد من حيث تاريخ وجوده ،سواء وفق
أسطورة (ريا) ،أو أسطورة الفتاة (تبرا) في الكتاب
المقدس ،أو وفق التاريخ الروماني (الإمبراطور
طبريانوس) ،جميعها تؤكد على وجود المكان ،وأنه
كان عام ًرا بحياة الصخب والضجيج ،ولكن هذا
المكان ماتت حياته ،وتغيرت معالمه حين غاب أهله.
«حال الثلج الكثيف بين الناس والخروج من البلدة».
يأتي ذكر الثلج في حكاية البحث عن «المبروك
يحيى» حين غاب عن القرية .ولكن الثلج يحمل
بع ًدا زمنيًّا على سير الأحداث .غمر الثلج فلسطين
بشكل كثيف مرتين الأولى سنة ،1901والثانية
سنة .1920من خلال سياق سرد الأحداث ،نؤكد
أن المقصود هو سنة ،1920ففي هذا العام كانت
فلسطين قد خضعت للاحتلال البريطاني الذي
سيطر على البلاد ،ومنع السكان من الخروج،
وأغلق الطرق بين البلدات والمدن «بدأ الثلج كأنه
التلال الجديدة التي أغلقت الدروب ،وسدت المنافذ،
وغمرت الأشجار وباتت سيا ًجا للبلدة».
«ابنة صاحب السيارة الوحيدة في القرية».
في هذا العبارة ودلالتها «السيارة الوحيدة»،