Page 58 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 58

‫العـدد ‪37‬‬                                                     ‫‪56‬‬

                                                              ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

‫ويزيد في وصف عينيه الدعجاوين وشفتيه‬                                                             ‫والعرش يهتز منه هز إكبار‬
‫المعسولتين وزينته التي ارتسمت من المسك على‬                                             ‫جنان عدن عن اللواطي قد حرمت‬
‫هيئة خال فوق جبينه‪:‬‬                                                                             ‫الله أكبر ما أعصاه للباري‬
‫معسو ُل اللّمى‬  ‫د ِّر الثغر‬  ‫«وضا ُح‬                                                   ‫استغفر الله من شعر تقدم لي‬
  ‫رحب الجي ِد‬   ‫الأجفان‬      ‫متضاي ُق‬                                                  ‫في المرد قصدي به ترويج أشعاري‬
‫يلوي على زر ِد ال َع َذا ِر دلاله‬
‫كم فتن ٍة بين الوري وزورد‬                                                                       ‫لكن ذلك قول ليس يتبعه‬
                                                                                       ‫خنا وحشاي من أفعال أشرار‬
‫نبتت على الكافور مس َك ُه خال ِه‬                                                       ‫قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم‬
‫والمس ُك ينب ُت في الظباء الغيد»(‪)22‬‬                                                   ‫دون النساء ولو باتت بأطهار»(‪)18‬‬
‫ودعت كثرة الغزل بالمذكر إلى تدلل الغلمان على‬                  ‫ولعل المحاربين لهذا اللون قلّة أمام الشعراء‬
‫شعرائهم‪ ،‬فنجد أ ّن (أحمد بن بلال) المعروف‬
  ‫«بدنقلة» يتغزل في غلام نصراني ُيدعي (ابن‬                    ‫المفتونين بجمال ودلال الغلمان‪ .‬ولكن ينبغي أن‬
‫النحال)‪ ،‬ويحدثنا ع ّما أصابه من ضني وتحول‬                       ‫نتنبه إلى أ ّنه ليس ك ّل َم ْن قال شع ًرا في المذكر قد‬
‫بسبب هيامه به‪ ،‬ث ّم أخذ يصور مفاتنه وقد تقلد‬                  ‫مال إلى الغلمان‪ ،‬وإ َّنما قاله البعض «جر ًيا على عادة‬
‫الصليب وربط على خصره زنا ًرا أبرز حسنه‪ ،‬وقد‬
  ‫أحس الغلام جماله فراح يتيه دلا ًل على شاعره‪:‬‬                    ‫الشعراء في العصر العباسي‪ ،‬أو مجاراة لروح‬
                                                              ‫العصر وتقاليده‪ ،‬أو تمرينًا لقرائحهم وإشبا ًعا‬
                                                                     ‫لحواسهم وإرضا ًء لأذواقهم»(‪ ،)19‬وتروي ًجا‬
‫«نحولي من بني النحال با ٍد ببدر لقبوه أبا سعي ِد‬              ‫لأشعارهم‪ ،‬وإلى هذا المعني أشار ابن الوردي الذي‬
‫تقلّد بالصليب وم ّر يسعى إلي قربانه في يوم عي ِد‬              ‫حذر في الأبيات السابقة من الغزل بالمرد عندما قال‪:‬‬
                                                                                       ‫«أستغفر الله من شعر تقدم لي‬
 ‫ولاث بذلك الز ّنا ِر خص ًرا حكي في سقمه جسم‬                              ‫في المرد قصدي به ترويج أشعاري»(‪)20‬‬
                                      ‫العميد‬
‫سألت وصاله فأبي دلا ًل ومر على كالظبي الشرود‬
‫وقال إذا عشق َت البدر فاقنع إليه برعي طرفك من‬                 ‫وفي مقدمة ديوانه أفصح عن ذلك فقال «وقد يقف‬
                                                              ‫الناظر في مجموعي هذا على وصف عذار الحبيب‬
                ‫بعيد»(‪)23‬‬                                     ‫وخده‪ ،‬ونعت ردفه وقده وشكوي عشقه وصده‪..‬‬
‫ولم يفتن الشعراء فقط بمحاسن الغلمان الحسية بل‬
‫المعنوية أي ًضا‪ ،‬فتحدثوا عن الجيد والعينين والخدين‬            ‫تعالي ( َو َأ َّن ُه ْم‬  ‫عن قوله‬  ‫غاف ًل‬   ‫بي الظنون‬          ‫فيظن لذلك‬
‫والردفين والرقة والظرف والدلال‪ ،‬ويعبر عن ذلك‬                     ‫على وجه‬               ‫قلت ذلك‬  ‫وإ ّنما‬  ‫َل َي ْف َعلُون)‪،‬‬  ‫َي ُقو ُلو َن َما‬
                                                              ‫امتحان القريحة ومحبة في المعاني المبتكرة واللمع‬
‫(ابن قتادة المعدل المصري) في قوله‪:‬‬                                                                       ‫المليحة»(‪.)21‬‬
‫«أسباك منه جي ُده أم طر ُف ُه أم شكلُه أم د ُّله أم ظر ُف ُه‬
 ‫يا ناظري أم َو ْر ُد وجنته الذي يلت ُّذ للعين البصيرة‬        ‫ومن الغزل بالغلمان قول ابن النبيه‪ ،‬وقد أعجب‬
                                          ‫قطف ُه‬              ‫بطول قامة ساقيه وضخامة ردفيه والتخنث في‬
                                                              ‫الحركات ونعومة شعره المنسدل على جبينه‪:‬‬
                ‫صافحته فشكت‬                                                            ‫«يسعي بها عب ُل الروادف أهي ُف‬
‫أنامله الأذى وتألمت‬
                ‫من لمس كفي كف ُه‬                                                       ‫َخن ُث الشمائل شاط ُر الحركات‬
‫فكان جسمي جفنه‬                                                                           ‫يهوي فتسبقه ذوائب شعره‬
                                                                                  ‫ُم ْل َت َّفة كأساو ِر الحيّات»‬
                ‫من سقمه أو خره‬                                ‫ومرة أخري يوضح الشاعر شدة بياض وجه‬
‫وكأن همي ردف ُه»(‪)24‬‬
                ‫وكان للأقباط في‬                               ‫ساقيه مع شدة سواد شعره‪ ،‬وترنحه في مشيته‬
                                                                                       ‫وقد نحل خصره واكتنز عجزه‪:‬‬
                ‫مصر الفاطمية‬                                                                     ‫«ساق كأ ّن جبينه في شع ِره‬
                ‫والأيوبية حرية‬                                                                    ‫قم ٌر تبلّج في الليالي ال ُّسو ِد‬
                ‫في شتي الحياة‬                                                                   ‫غص ٌن تر ّنح رد ُفه في خصره‬
‫وأنشطتها‪ ،‬فلا ريب‬
                                                                                                ‫فعجب ُت للمعدوم في الموجود‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63