Page 60 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 60
العـدد 37 58
يناير ٢٠٢2
عهدها باقيًا كمحافظتها في السنة العمرية على العهد الآداب) با ًبا كام ًل يضمنه غزل المذكر ،وقد ح ّل
وبرزت المراسيم الشريفة أنى جعل لعاليها أسافل التغزل بالمذكر محل التغزل بالمرأة في كثير من نتاج
وأن تمثل حبورها [ )33(]..أن يعود وعودها مجا ًزا هذا العصر .يقول سيف الدين المشد وكأنه يصرخ:
أو حقيقة لمواطن العبر مجا ًزا فمولانا يستنصر « َب ُط َل التّناسل في ال َورى من غير ش ّك وا ْمتِ َراء
بالله في خذلان العدا .فهو نعم النصير ويقتدي فإذا الرجال مع الرجال كما النساء مع النساء
بفعل السيد عيسي ،عليه السلام ،في كسر الصليب مما يدل على الغناء به وحسبك سر غناء»()30
وقتل الخنزير (ويضاحي) (ويفافي) ك ّل قوته بهتك وقول المشد السابق دليل على انتشار الشذوذ في
سترها وينصر في هدم مجد الكنيسة وفخرها المجتمع.
ويترك محاجر عيونها الجارية تبكي كالخنسا على ذلك: عن مكانس معب ًرا ويقول فخر الدين ابن
صخرها ..ويتلو أعلي الهيكل إذا عاد قبله ألم نشرح عنك وعج «دع اللّواط وخلي المرد
ومحو ما بها من التصاوير ويستمطر من دموع علي النسا وطب بالقيل وال ُقبل
أهليها لفقدانها الدما ويتلو على سقفها إذا السما فإنما رجل الدنيا وواحدها
انفطرت وعلي مصابيحها وإذا الكواكب انتثرت من لا يعول في الدنيا على رجل»()31
وعلى طواقيس أمواتها وإذا القبور بعثرت ..إلى أن ويقول أي ًضا:
ترجع [ ]..المشيد كالطلال المهملة ومغطسها المحلي «فواسق قد أحل الشعر دمهم
كالبير المعطلة فإذا استحكم دبارها ومحيت آثارها ولو تضمنهم في حجره الخرم
وحق عليها القول فوجب دمارها وزال ما بها من ما إن بكت من دلهم مقل
التصاوير المحظورة»(.)34 وإلا وأصبح ثغر الدهر يبتسم
هم الفراعنة الطاغون قد سكنوا
وهكذا نجد إلحاح فخر الدين بن مكانس الذي يطلب معاق ًل من بيوت الكفر واعتصموا
فيه من الإمام أن يقضي على الكنائس والأديرة من كل عا ٍد كعا ٍد في تجبره
بكل ذات عماد شاد ذا ار ُم
فهي بيوت للفسق وأن يقتدي بسيدنا عيسي عليه لا يجمعون على غير الحرام وقد
السلام في كسر الصليب وإزالة صور مريم وك ّل تجمعوا عحباب الراح وانتظموا»()32
ما هو محرم وأن تكون كالخرابة فتجف أبيارها ونظ ًرا لانتشار هذه الظواهر ظهرت دعوات للاعتداء
على الكنائس ،فدعا ابن مكانس إلى هدم الكنيسة،
وتمحي آثارها ث ّم يتلي عليها آيات من القرآن فقال «وأما أمر الكنيسة المحدثة فقد عرضه الملوك
الكريم. على المسامع الشريفة ع ّمرها الله بالسعد وجعل
ولم يكن الغلمان من الأتراك فقط بل من السودان
أي ًضا ،فلقد استخدم الفاطميون السودان أو العنصر
النوبي تمشيًا مع السياسة التي اتبعها الإخشيدون
من قبل« ،وكانت سياسة الفاطميين تقوم في تكوين
جيوشهم على عدم الاقتصار على جنس واحد ،فإلي
جانب المغاربة أدخلوا العنصر السوداني وانتشر
الرق في المجتمع المصري على نحو ما كان الحال
عليه في بقية مجتمعات العصور الوسطى»(.)35
نصل م ّما سبق إلى نتيجة مؤداها أنه إذا كان الغزل
بالمؤنث ووصف الخمر من أهم فنون الشعر العربي
منذ الجاهلية فإ ّن الغزل بالمذكر والشذوذ من أهم
الفنون التي شاعت في العصور اللاحقة ابتداء من
العصر العباسي