Page 182 - merit 42 jun 2022
P. 182

‫العـدد ‪42‬‬          ‫‪180‬‬

                                                                                ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬      ‫قد يبدو الأم ُر ُمدا َع َب ًة أو‬
                                                                                                ‫مشاكس ًة أو « َه َز ًرا» كما‬
    ‫سلبية تعود إلى العجز‬                             ‫القاضي (وقاره)‪ ،‬ولن‬                         ‫يقول النص‪ .‬ولكنه فعل‬
 ‫إزاء قوة خارجية تقهرها‬                             ‫يستطيع استنقاذه منها‪،‬‬                        ‫«ينطوي على معنى آخر‬
   ‫على الصمت‪ ،‬وإنما فع ُل‬                         ‫فمهما كان َض ْع ُف المطلوب‬                    ‫يتجاوز ِخفة الظل عندما‬
‫امخنتياالارن ُهمزٍّرا‪،‬متي ِةعبيواٌرلبعؤنسحال ٍة‬   ‫(النخلة‪ /‬الأنثى)‪ ،‬فالطالب‬                   ‫يأخذ معنى (التمرد) ونقد‬
                                                  ‫(القاضي‪ /‬الذكر) َأ ْض َع ُف‬
     ‫الشديدين؛ لم يدخلها‬                                                                           ‫السلطة‪ ،‬ممثل ًة في هذا‬
   ‫وقو ُع الصاعقة برأسها‬                                            ‫منها‪.ix‬‬                    ‫القاضي الذكر الذي يأتي‬
‫دورة الصمت‪ ،‬وما أدخلها‬                              ‫لقد رافق سقوط الأنوثة‬                       ‫رم ًزا على النظام الأبوي‪،‬‬
    ‫هو تحولها إلى ذكر أو‬                                                                        ‫والوصاية الذكورية على‬
‫فقدانها لأنوثتها‪ .‬شيء من‬                               ‫عن النخلة دخولها في‬                  ‫ال ُحكم بالحق‪ ،‬والتكلم بلسان‬
  ‫الخجل‪ ،‬وربما من العار‬                            ‫دورة صمت سوف تكون‬                         ‫العدل؛ فتستخف بما َي َت َلبَّس‬
                                                 ‫مؤش ًرا على الانقطاع المرافق‬                  ‫الذكور من تقاسيم العقل‬
                ‫وال ِخزي!‬                                                                     ‫والحكمة الراسخة والخبرة‬
 ‫والصمت مع ذكر النخيل‬                                     ‫لغربتها الذكورية‪.‬‬
                                                    ‫ويبدو الصمت الذي هو‬                                ‫المزعومة والثقة‪.‬‬
     ‫من باب (ال ُق ْدرة) مع‬                         ‫فعل إراد ٌّي ‪-‬خلا ًفا للعي‬                 ‫وإذا كان «الوجوم» معن ًى‬
  ‫انصراف الرغبة‪ ،‬أما مع‬                                                                     ‫ذكور ًّيا فإن الأنثى تتخذ من‬
                                                      ‫وال ُح ْبسة‪ -‬جام ًعا بين‬              ‫«الهشاشة» و»المداعبة» معنى‬
     ‫الذات فلا ينفصل عن‬                           ‫النخلة وصاحبها؛ فالنخلة‪:‬‬                     ‫أنثو ًّيا لفضح هذا الوجوم‬
  ‫الهزيمة؛ ذكر النخيل «لا‬                        ‫«فقدت أنوثتها الطاغية» س‬
   ‫َي ْن َبس»‪ ،‬وال َن ْبس‪ :‬التَّ َكلُّم‬                                                          ‫الكاذب؛ وحينئ ٍذ ُت َح ِّج ُم‬
   ‫وتحريك الشفاه بشيء‪،‬‬                                              ‫(‪.)63‬‬                      ‫الدعابة والمشاكسة ‪-‬التي‬
  ‫وهو أقل الكلام(‪ .)24‬وأما‬                          ‫و»هي الآن ذكر نخيل لا‬                       ‫تتخطى بها الأنثى قواعد‬
 ‫الشاعر فقد عاد «حسي ًرا»‬                                                                       ‫السلوك الاجتماعي‪ -‬هذا‬
‫من تطلعه إلى النخلة‪ ،‬وهو‬                                  ‫َي ْن َب ْس» س (‪.)64‬‬                 ‫النظام المفرط في صرامته‬
 ‫حال يضرب في الانتظار‪،‬‬                                    ‫أما صاحبها فهو‪:‬‬                    ‫المظهرية‪ ،‬وتخلخله‪ُ « :‬تضيع‬
‫والترقب‪ ،‬واستدامة النظر‪،‬‬                         ‫«يخرج برأسه من الباب إلى‬                       ‫وقاره وتجعله َي ْن َت ِفض»‪.‬‬
‫والتعب‪ ،‬والإعياء‪ ،‬وال َّرهق‪.‬‬
 ‫في النهاية «الانقطاع»‪ x‬هو‬                                         ‫الساحة‬                        ‫ويتمثل القاضي الموقف‬
                                                       ‫يملأ صدره المعطوب‬                          ‫عبر الاقتباس القرآني‪:‬‬
                ‫المحصلة‪.‬‬                                                                     ‫« َض ُع َف الطالِ ُب والمطلوب»‪.‬‬
    ‫يريد أن يقول لها‪« :‬يا‬                                           ‫بالهواء‬                   ‫ويحيلنا تطابق التماثل بين‬
  ‫أخت أبي‪ ،‬يا عمتي‪ ،‬لكنه‬                                     ‫ويعود حسي ًرا‬                     ‫سياق الآية وسياق النص‬
   ‫لا يستطيع»‪ .‬فهل دخل‬                           ‫يتوسط ساحة البيت وينظر‬                         ‫على معنى «ال َّس ْلب» الذي‬
‫الشاعر دورة العي بافتقاد‬                                                                        ‫هو مركز ال ِّسيا َق ْين؛ لقد‬
     ‫النخلة لأنوثتها؟ وهل‬                                          ‫إلى أعلى‬                  ‫َس َل َب ال ُّذبا ُب النا َس (شيئًا)‬
  ‫صمت النخلة‪ /‬الذكر‪ ،‬أو‬                                          ‫إلى رأسها‬                       ‫لا يستطيعون استنقاذه‬
 ‫صمت صاحبها بدي ٌل عن‬                              ‫يريد أن يقول لها يا أخت‬                     ‫م َنشضيه ُ‪:‬ئعًا َ«لفاواإلَينطْاسَيلَِت ْْنُسبِقلُ ُذُبوهوالهمم اطمللنُّذوهب‪،‬اب ُ»ب‬
   ‫البيان؟ هل فاض الحال‬                                                                     ‫(الحج‪ ،)73 :‬و َس َل َب ْت النخل ُة‬
   ‫عن أن ُي َعبر البيا ُن عنه؟‬                                         ‫أبي‬
‫فأعجزت سطو ُة الأول َق ّو َة‬                                       ‫يا عمتي‬
‫الأخير؟ الصم ُت هنا صم ٌت‬                         ‫لكنه لا يستطيع» س (‪:75‬‬
    ‫من َف ْرط وجو ِد المعنى‪،‬‬
                                                                     ‫‪.)82‬‬
                                                              ‫النخلة أي ًضا‪:‬‬
                                                  ‫«لن تستطيع أن تقص على‬

                                                                  ‫صاحبها‬
                                                   ‫قص ًصا أخرى عن النساء‬
                                                    ‫اللاتي‪ »..‬س (‪.)71 :65‬‬

                                                     ‫الصمت هنا ليس طاقة‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187