Page 186 - merit 42 jun 2022
P. 186

‫العـدد ‪42‬‬         ‫‪184‬‬

                                                                                    ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬   ‫هو شعر يعود إليها بكليَّة‬
                                                                                                  ‫مراميه وجزئياتها‪ ،‬وكأنه‬
   ‫‪ -‬فالوصول إلى الأنثى‬                  ‫قرني ونصوص امرئ‬                                          ‫على هذا النحو يعيدنا إلى‬
     ‫صع ٌب‪ ،‬بعيد المنال‪ ،‬لا‬                        ‫القيس‪ ،‬إذ‪:‬‬                                   ‫بداهة ارتباط الشعر العربي‬
      ‫يتأتى إلا عبر طريق‬
                                        ‫‪ -‬تتحول شبقية امرئ‬                                                         ‫بالمرأة‪.‬‬
      ‫«محفوف ٍة بالمخاطر»‬           ‫القيس ونزواته المتعددة إلى‬                                     ‫والكتابة مع هذه العودة‬
     ‫(س‪ ،)26‬ولا تتصور‬               ‫واحدية متفردة عند محمود‬
 ‫«المتاهة» (س‪ )27‬إلا على‬                                                                             ‫تغوص على ُع ْنص ٍر قد‬
                                         ‫قرني‪ ،‬دون أن تطالها‬                                       ‫ُي َه َّمش بشكل دوري في‬
                ‫نح ٍو منه‪.‬‬          ‫السذاجة‪ ،‬أو تقتلها المجانية‪.‬‬                                    ‫بعض الكتابات التي لا‬
  ‫وأنثى امرئ القيس أنثى‬             ‫‪ -‬وبينما يركز امرؤ القيس‬                                       ‫ترى في الشعر إلا ردي ًفا‬
                                                                                                   ‫للسياسي أو الاجتماعي‬
     ‫«لا ُيرام ِخباؤها»(‪)27‬‬             ‫على رجولة (رجل) إزاء‬                                    ‫الاقتصادي بما لا ترى معه‬
  ‫ب(‪ ،)22‬تجاوز أحرا ًسا‬                 ‫الأنثى‪ ،‬يركز الآخر على‬                                   ‫في مثل الكتابة العربية عن‬
‫إليها ومعش ًرا عليه حرا ًصا‬         ‫المرأة إزاء الرجل‪ ،‬على أنوثة‬                                  ‫المرأة سوى مساحات من‬
‫لو ُي ِس ُّرون َم ْق َتله ب(‪.)23‬‬                                                                ‫السذاجة والتشاغل بها عما‬
  ‫‪ -‬وإذا كانت أنثى امرئ‬                   ‫الأنثى إزاء (الرجل)‪.‬‬
   ‫القيس امرأة الحذر‪ ،‬أو‬              ‫‪ -‬نص المعلقة‪ ،‬على سبيل‬                                                     ‫هو أكبر‪.‬‬
                                                                                                 ‫يقول شاكر لعيبي‪« :‬يبدو‬
     ‫الخباء‪ ،‬الذي لا ُيرام‪،‬‬             ‫المثال‪ ،‬وليس هكذا نص‬
     ‫«يجوز» إليها «ساحة‬                  ‫«النخلة»‪َ ،‬ت ْبج ْي ٌل لل َّذ َكر‬                         ‫أن المغامرة باتجاه المرأة‬
  ‫الحي»‪ ،‬وينتحي به بط ُن‬               ‫المُ ْغ ِوي الذي يؤكد في كل‬                                ‫لم َت ُعد ُت َش ِّك ُل في الضمير‬
    ‫َخ ْبت ذي قفا ٍف َع َق ْن َقل‬   ‫لحظة على قدرته الرجولية‪،‬‬                                     ‫المستتر من الجملة العربية‬
   ‫ب(‪ ،)28‬فأنثى محمود‬                  ‫وجا ِذ ِبيته الذكورية؛ فلا‬
     ‫قرني امرأة الساحة‪،‬‬              ‫تنفض مغامرة حتى يدخل‬                                           ‫الغامضة‪ ،‬كما كانت في‬
  ‫امرأة الانكشاف والعلن‪:‬‬                                                                         ‫الماضي‪ ،‬مغامر ًة وجودي ًة‪،‬‬
 ‫«في ساحة البيت تميل في‬                   ‫في أخرى‪ ،‬ولا توحي‬                                     ‫كما لو أ َّن الكينونة الأنثوية‬
‫دلال» (س‪ ،)6‬التقاها حيث‬               ‫الجديدة إلا بأنها قد بدأت‬                                   ‫لا تؤخذ على محمل ال َجد‪،‬‬
 ‫«كان النهار ربيعيًّا جا ًفا»‬        ‫منذ زمن‪ ،‬وأن هذه اللحظة‬
  ‫(س‪ ،)17‬ودعاها «ساعة‬                                                                              ‫ولا يجري الإيمان بأنها‬
‫إشراق الشمس» (س‪،)30‬‬                       ‫إحدى لحظاتها الحية‬                                     ‫تستأهل‪ ،‬هي ذاتها‪ ،‬شع ًرا‬
 ‫بينما امرئ القيس يأتيها‬                              ‫الدافقة‪.‬‬                                  ‫يليق بها‪ ،‬ليس بما يحيطها‪،‬‬
   ‫«إذا ما ال ُث َر َّيا في السماء‬
   ‫َت َع َّر َض ْت»‪ :‬أوشكت على‬        ‫و َي ْبدو وقد جعلته ُق ْدرا ُته‬                                ‫أو يرضي ‪-‬فحسب‪-‬‬
      ‫السقوط‪ ،‬حيث غفلة‬              ‫كما لو كان ُم َت َر َّب ًصا به من‬                           ‫السعادة المنغلقة على نفسها‬
                                      ‫ق َبل ال ُأ ْخ َريات‪ ،‬اللاتي ُك َّن‬
                 ‫ال ُّر َقباء‪.‬‬      ‫في انتظاره‪ ،‬أو ُك َّن دو ًما على‬                               ‫للذات الشاعرة‪ .‬لم يكف‬
   ‫‪ -‬وبينما «تتدلل» فاطم‬                                                                         ‫الخطاب الشعري المعاصر‬
 ‫على امرئ القيس‪« :‬أفاطم‬                      ‫موع ٍد َق َد َر ٍّي معه‪.‬‬                            ‫عن استحضار المرأة رم ًزا‬
   ‫مه ًل بعض هذا التدلل»‬               ‫‪ -‬نص المعلقة يجعل من‬
  ‫ب(‪ ،)18‬تميل النخلة «في‬             ‫حيازة النساء متع ًة بذاتها‪،‬‬                                   ‫لكل نوع‪ :‬للوطن‪ ،‬للأمة‬
‫دلال» س(‪ ،)6‬تلقي سلا ًما‬                ‫فوالاش َليةُر ُّإدلاعلبىعألايق ٍةعألاخقرةى‬                 ‫العربية‪ ،‬للحزب‪ ،‬لم تكن‬

       ‫هنا‪ ،‬وسلا ًما هناك‪.‬‬               ‫لينفي عطالة شاعرها‪.‬‬                                          ‫ُتخاطب ‪-‬في الغالب‪-‬‬
 ‫‪ -‬وكما تمتع امرؤ القيس‬                ‫ولكن على الرغم من هذا‬                                      ‫كجغرافيا آدمية‪ ،‬ككينونة‬
‫بأنثاه غير ُمع َج ِل ب(‪،)22‬‬            ‫الاختلاف والتباين هناك‬                                     ‫مستقلة‪ ،‬وفضاء خاص»‪.‬‬
                                      ‫مساحات واسعة للتقاطع‬
                                                                                                     ‫على أننا نجد افتراقات‬
                                           ‫والاشتباك بين نص‬                                       ‫رئيسية بين نص محمود‬
                                             ‫«النخلة» والمعلقة‪:‬‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191