Page 73 - merit 42 jun 2022
P. 73
71 إبداع ومبدعون
قصــة
بعضها ،وتلقي الملح على رؤوس الناس فلا يبد له الهامشية وغير الضرورية لأن الحقيقة وحدها
آثر ،والواد مضجر مذ أيقظته ،ويقول :اذهب أنت تكفي كما يقول ماركيز.
وعكازك لتقبض ،فأصمم وأعده بعلبة «جيلاتي»
لكن لماذا تعلق قصة جبل الشاي الأخضر في
من الحجم الكبير ،فيقوم. ذهني؟ هل لأن نوال تئن بصوت واطئ ..واطئ
سو ًّيا نهبط من المنزل ،فيسبقني إلى الشارع الكبير، ولا يمكن سماعه؟! وما الجديد فى الأمر؟ نساء
العاصمة وقبلي وبحري وأوروبا والصين والعالم
ويلوح بيده لـ»توكتوك» فأشير بالرفض ،وأقول: تئن بصوت واطئ ..واطئ ولا يمكن سماعه ،لكأن
نتمشى في الهواء ،فيكتم غضبه ،ويسير إلى جواري الأنين الواطئ نبض العالم ،وسر يحيي الطاهر
الخفي ،والدراما التي يتحدث عنها عبد الرحيم ..هي
نحو وجهتنا ،ويتوقف عند أول ماكينة صرف الآلام وحدها تبقى ،ووحدها تعلق في الذاكرة.
تقابلنا ،ويقول :هات الكارت ،فأتبع السير دون
التفات ،وأخبره بأن تلك الماكينة فيها حرامي يسرق أين الدراما فى قصة رجل يأكل الطعمية على
الغداء ،ويحول محطة التليفزيون للمسلسل العربي
عشرة جنيهات من معاشي دون وجه حق.
ويعود للتوقف من جديد عند بائع الفول ،فأقول :لما إرضا ًء لزوجته؟ أين الدراما في عجوز يصطحب
نخلص نأكل ونحلي ،فيبرطم بكلمات غير مفهومة، حفيده المشاكس لقبض المعاش؟ لماذا أكتب قصة
جديدة والأولى لم تنشر ،ومريم لم ترد بالإيجاب
أقابلها بصفعة خفيفة على مؤخرة رأسه لا قفاه، أو بالرفض ،وإسلام ما زال عند رأيه بأنه الخجل
فيتقبلها فى صمت ،ويسير إلى جواري نحو ماكينة الأنثوي لا غير؟ من يمنع النشر؟ لا ضعف البناء
وحضور شخصيات بلا امتداد في السرد ،ولا حتى
الصراف الآلي المجاورة لمكتب البوسطة ،والتي ذلك الخفوت والتردد فى صوتي حين حادثتها.
أقبض منها معاشي كام ًل دون خصم العشرة «اكتب جمل قصيرة ،ومباشرة ،ولا تطلب رأ ًيا من
جنيهات كما فى الماكينات الأخرى. كاتب» ..هيمنجواي.
وأتناوب أنا وهو على الطابور ،أجلس فى الظل وهو أفكر في اتباع تلك النصحية ،والعمل على تعديل
قصة «الإوزة والحلق» من جديد ،لكن صوت مريم
واقف ،وأقف فيعبر الطريق إلى الناحية الأخرى، ينادني ،والعجوز البطل يصرخ فى وجهي ،ويصمم
ويجلس على سور البحر فأناديه ،وأخبره بأني أن الممارسة المستمرة تحسن الأداء ،ولا دا ٍع اب ًدا
تعبت ،وأحتاج للجلوس في الظل ،وأن الطابور على لفقدان الأمل ،أو حاجة ملحة لانتظار دراما ،أو
تمني أحداث فاصلة وجليلة ،وأن الحقيقة وحدها
ازدحامه أكثر أمنًا من سور البحر.
ويرش رجال المطافئ الشارع أمامهم بالماء، تبقي ،وتكفي لصنع الحكاية.
فيترطب الجو قلي ًل ،وتكسر نسمة هواء عابرة عنوان رئيسي تحول مع الظروف لعنوان فرعي:
قسوة الشمس فوق رؤوسنا ،وأشارك أحد
الواقفين الشكوى ،والتهنئة بحلول شهر رمضان، فانوس يضئ في النهار.
ونلعن نحن الاثنان الطابور والغلاء ،وماكينات قيظ مايو ..كم قارئ يعرف معني كلمة قيظ؟
الصراف القريبة والتي تسرق الجنيهات من حر مايو لم يمنع الازدحام ،ولا خفض الخوف
معاشاتنا ،ونستفهم من فرد الأمن عن ميعاد من «الكورونا» طول الطابور أمام الصراف الآلي،
صرف العلاوة السنوية التي وعد بها الرئيس ،فترد والذي يحتل الجانب الأيمن من واجهة البنك ،ويطل
سيدة خرجت لتوها من باب كنيسة الكاثوليك ..بأن على بحر «مويس» إلى جوار البوسطة القديمة،
ويبتعد عنها بمقدار خطوتين بالعدد ..ثلاث نواصي
الله مع الصابرين. لا أكثر ،وعشرة أيام فروق توقيت بين المرتب
أخي ًرا يصل الواد إلى ماكينة الصراف ،وينادي عليَّ
بضيق ..خلصنا يا عم ،فأترك الجالسين دون وداع، والمعاش.
وأخرج من جيبي الكارت ،وأعطيه إياه ،وأتابع يده دخلة رمضان والشوارع والمحلات والأرصفة على
التي تتحرك بسرعة وعفوية على الماكينة ،فأردد في
سري :نبيه طالع لأمه.
ولا تمر ثواني حتي ينفتح فم الماكينة ،وتخرج لنا