Page 75 - merit 42 jun 2022
P. 75

‫‪73‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

     ‫وتعليق الفانوس‪ ،‬وأخي ًرا وليس أخ ًرا إضاءته‪.‬‬     ‫تقبلتهم بالدعاء له بالصحة‪ ،‬وبالفلاح لولده الصغير‬
                  ‫نقطة التنوير كما يقولها النقاد‪.‬‬          ‫كما اعتقدت أو تماكرت لإبداء مجاملة للشيبة‪.‬‬
                                                                ‫‪ -‬كسبنا إيه احنا من الفصال والمناهدة؟‬
    ‫لكن حد ًثا ما واقعيًّا وحقيقيًّا في قصة الرجل قد‬
      ‫يصنع الدراما التي يريدها عبد الرحيم‪ ،‬ومن‬          ‫لم ينتظر العجوز طوي ًل ورد على استفهام حفيده‬
                                                                           ‫باقتضاب‪ ..‬ديون وبنسددها‪.‬‬
 ‫الممكن أن يؤثر على مشاعر القارئ‪ ،‬عندما يعلم أن‬
    ‫عبد الرحيم الذي قبض معاشه‪ ،‬واشترى اللحم‬             ‫في البيت أو الشقة الخمسة وستون مت ًرا بالتحديد‬
   ‫والقطائف‪ ،‬وأكل الدجاجه‪ ،‬وأتم تعليق الفانوس‪،‬‬                ‫استقبلتهم الجدة ورائحة الملوخية وصينية‬
        ‫بمساعدة من حفيده المضجر هو والد مريم‬
                                                        ‫البطاطس بالدجاجة‪ ،‬فلم ينتظر العجوز كثي ًرا بعد‬
  ‫زوجتي‪ ،‬أعني زوجتي السابقة‪ ،‬والتي كانت تحب‬             ‫الأكل‪ ،‬وشرع بالعمل فى إعداد الفانوس‪ ،‬بتوصيل‬
‫الفوانيس‪ ،‬وتحب مساعدة أباها في تعليقها‪ ،‬وإضاءة‬           ‫الأسلاك‪ ،‬وضبط اللمبة‪ ،‬واختيار المكان المناسب‪،‬‬

                                       ‫الشارع‪.‬‬
 ‫والتي ردت بعد وقت على سؤالي بالإيجاب‪ ،‬وقبلت‬

    ‫بي زو ًجا‪ ،‬وأنجبت لي ول ًدا مشاك ًسا‪ ،‬يعيش مع‬
     ‫جده‪ ،‬ويقابلني كلما احتاجتني إدارة المدرسة‪.‬‬

 ‫نعم مريم زوجتي‪ ،‬أعني زوجتي السابقة هي بطلة‬
   ‫القصة‪ ،‬والفانوس الذي يضيء في النهار‪ ،‬والتي‬

‫يتحتم عليَّ إيجاد نهاية مثالية لحضورها الخافت في‬
 ‫القصة‪ ،‬بالطبع لم تمت‪ ..‬الموت حل تقليدي‪ ،‬ومبالغ‬
‫في تراجيديته لقصة عن كاتب ينتظر نشر قصته في‬
‫مجلة! وحضوره المباغت أضعف وأقل ألمًا من دراما‬

                             ‫يتمناها عبد الرحيم‪.‬‬
 ‫كل ما حدث أنها شعرت بالفتور فجأة أو بالتدريج‬

     ‫كما تقول‪ ،‬ولم تعد تعجبها الحبكة‪ ،‬أو تطالبني‬
     ‫بالانتظار‪ ،‬وكتابة قصص جديدة وإرسالها إلى‬

                                         ‫حسن!‬
   ‫طلبت الطلاق‪ ،‬ورحلت في دخلة رمضان والناس‬
 ‫والمحلات والأرصفة فوق بعضها‪ ،‬وتزوجت رج ًل‬
    ‫غريبًا‪ ،‬أنجبت له رضي ًعا‪ ،‬من المرجح أن يصبح‬
    ‫ول ًدا مشاك ًسا مثل ابني‪ ،‬وتركتني وحي ًدا أنتظر‬
‫دون إجابة قاطعة ونهائية لسؤالي الذي تمهلت في‬
  ‫الرد عليه من سنوات‪ ،‬وأشترى في كل جمعة‬
    ‫عدد المجلة‪ ،‬لعل قصة «الإوزة والحلق» تنال‬
    ‫حظها في النشر‪ ،‬وأدرك أخي ًرا وجاهة رأى عبد‬
    ‫الرحيم في أن الممارسة المستمرة تصنع الدراما‪،‬‬
    ‫والحقيقة وحدها تكفي‪ ،‬وأن الآلام على صغرها‬

                 ‫دائ ًما ما تنجح فى صناعة حكاية‪.‬‬
   70   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80