Page 110 - m
P. 110
العـدد 60 108
ديسمبر ٢٠٢3
سعيد سالم
البحث عن يوسف
أعتمد عليه دائ ًما فى مهام العمل الصعبة وكان كأن الأرض انشقت فابتلعته .سألت عنه طوب
يؤديها بنجاح .عندما انتقلت إلى فرع آخر للشركة الأرض فلم أحظ بنتيجة .الجميع لم يستدلوا على
بأبى قير لم أجد مثي ًل له من بين موظفى الفرع. عنوانه أو رقم هاتفه الصحيح .لم يرد سوء النية
سألته إن كان يرغب فى الانتقال للعمل معى فأجاب إلى خاطرى ،فلا مبرر لأحد من زملائه أن يتعمد
بأنه كان يتمنى ذلك .بالفعل قمت بنقله وخصصت إخفاء أو إنكار أى معلومة قد تقودنى إليه .يوسف
له مكتبًا فى الصالة الطويلة التى ضمت كل موظفى لم يكن بينه وبين أحد من زملائه عداوة بالمرة.
إدارتى. كان محبو ًبا من الجميع .جميل الوجه خفيض
تصادف أن التحق ابنى الأصغر بكلية الحقوق الصوت عذب الابتسامة .يجامل الجميع فى أفراحهم
قسم الإنجليزية .كانت زوجة محمد تعمل مسجلة
لهذا القسم بالشئون الإدارية بالكلية وكنت على وأحزانهم بإخلاص شديد وبدافع من الحب لا
اتصال دائم بمكتبها لمتابعة كل ما يخص ابنى من لمجرد تأدية الواجب .طلبت رقم هاتفه عشرات
إجراءات .كانت إنسانة شديدة الطيبة ،تسعد بتأدية المرات على مدى السنوات الثلاث الماضية .مرة يرن
الخدمات لكل الطلاب دون وساطة ومن بينهم ابنى الجرس ولا يرد أحد .مرة يعطى إشارة المشغول
ذات الصفارة المتقطعة .مرة تجيئنى رسالة بأن
بالطبع. هذا الرقم مرفوع مؤقتا من الخدمة .لم أستطع
هجمت علينا كارثة الخصخصة وبيع مصنع أبى التوصل الى نتيجة إيجابية من خلال خدمة عملاء
هيئة التليفونات ،لأنهم يطلبون الاسم ثلاثيًّا..
قير لملياردير كويتى شهير .خرج محمد ضمن ذلك أن اسمه المسجل لدى والذى أحفظه جي ًدا هو
من خرجوا من الشركة فى المعاش المبكر وهو لم محمد يوسف رقم 5271234أما اسمه الثلاثى
يبلغ الخمسين .لست أذكر الظروف التى دفعته إلى فلست أعرفه .كل ما عرفته منهم أن الرقم صحيح
ذلك .المهم أن اتصالاتنا الهاتفية لم تتوقف لزمن ولم يتغير وأنه يقع بالفعل فى منطقة فيكتوريا
طويل .لم يكن يخطر ببال أحدنا أن ينقطع التواصل حيث زرته مرة واحدة ببيته منذ سنوات عديدة
الجميل بيننا يو ًما ،فلم يكن هناك ما يبرر ذلك. بصحبة زوجتى لتهنئته بزواجه .أما هو فقد سبق
له أن زارنى ببيتى مرات كثيرة لدواعى العمل
عجزى عن العثور على يوسف أصابنى بغيظ من جهة ،وبحكم الصداقة التى جمعت بيننا بلا
شديد .كيف أعجز عن العثور على صديقى الطيب غرض من جهة أخرى ..لم يكن يوسف زميلى فى
بعد أن غفل كل منا عن الآخر لسنوات طويلة دونما العمل بل كان مرؤو ًسا لى .كنا نعمل م ًعا بأحد
سبب يذكر .باعد بيننا الزمن الظالم الجبار الذى أفرع إحدى الشركات الصناعية الكبرى بمحرم بك
يفرق كالموت بين الأحبة ولا يستطيع أحد أن يوقفه بالاسكندرية .عرفت فيه الموظف المثالى المخلص
عند حد .نجح فى أن يجعلنى أنسى صديقى لفترة
زمنية طالت دون أن أدرى .هناك أشياء غامضة فى لعمله بدرجة عالية .لم تشبه شائبة فى مجال
الحياة تحدث دون أن تكشف لنا عن سبب حدوثها، الارتشاء أو محاولة التكسب من الوظيفة .كنت
كما أن البحث فى هذه الأسباب لمحاولة فهمها هو