Page 115 - m
P. 115

‫‪113‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة‬

                                     ‫أيها الأبله‪.‬‬      ‫سجنه جراء المصيبة التي ارتكبها‪ .‬بكى الحارس‬
‫‪ -‬أحببتك‪ .‬عشقتك وأريد الزواج منك‪ ،‬وإلا سأموت‬        ‫الجميل‪ ،‬وتأكد القائد وزملاؤه أن هذا الغر قد وقع‬

                                 ‫بائ ًسا مفجو ًعا‪.‬‬      ‫في عشق مجنون‪ .‬ليالي حزينة طويلة مرت على‬
     ‫دقائق ذهول من الأميرة والوصيفات‪ .‬تهور لا‬       ‫العاشق‪ .‬ذات ليلة ترك مكان حراسته ودخل حديقة‬
     ‫يصدر إلا من مخبول‪ .‬صاحت الأميرة غاضبة‬           ‫القصر متسل ًل‪ ،‬ناظ ًرا لأعلى‪ ،‬متطل ًعا لشرفة حجرة‬
      ‫وجسدها يهتز من تلك الوقاحة‪ ،‬أحد رعاياها‬
                                                       ‫الأميرة‪ .‬بقى واق ًفا حتى الصباح الباكر‪ .‬اكتشف‬
              ‫التافهين يفكر في الزواج منها! كيف؟‬    ‫تواجده المتهور حارس زميل‪ .‬وهذه المرة قرر قائده‬
   ‫‪ -‬مجنون حقير فقير صفيق‪ .‬أنا الأميرة يا غبي‪.‬‬
                                                      ‫فصله‪ .‬المفصول ترك القصر‪ ،‬وقد خسر وظيفته‪،‬‬
          ‫‪ -‬أعلم وأعلم أن عيونك في زرقة البحار‪.‬‬     ‫وخسر حتى ملبس حراس الأسوار المتواضع‪ .‬صار‬
     ‫‪ -‬اخرس‪ .‬أعلم أيها السافل المتبجح‪ .‬أنا لا آبه‬   ‫بملابس بسيطة مثله مثل أي شاب فقير في المملكة‪.‬‬
   ‫بك ولا بأمثالك‪ .‬فأنت أيها اللاشيء حتى لا تليق‬
                                                        ‫يعرف العاشق أن الأميرة وصديقاتها في عربة‬
                         ‫بإحدى خادمات القصر‪.‬‬             ‫تجرها الخيول يخرجون من القصر ليلعبن في‬
                    ‫أجاب الشاب في صدق واهن‪..‬‬        ‫جانب من الحديقة العامة‪ ،‬حيث المساحة المخصصة‬
    ‫‪ -‬لا يهمني كونك أميرة أو غفيرة أو خادمة في‬         ‫للملك وعائلته‪ .‬حارسان فقط يحرسان من بعيد‪.‬‬
                                                        ‫تسلل العاشق المسكين من بين الأشجار وفاجأ‬
                                        ‫القصر‪.‬‬        ‫الأميرة وصديقاتها‪ .‬الصديقات الخمسة والأميرة‬
 ‫الوصيفات كتمن ضحكاتهن من كلمات هذا الغبي‪،‬‬             ‫فوجئن بهذا الشريد الغريب‪ ،‬ثم سري ًعا تبي َّن أنه‬
‫لكن الأميرة في غضبها ضربته بكلوة يمناها على أم‬        ‫الحارس الجميل‪ ،‬لكنه الآن في ملابس فقيرة! إذن‬
‫رأسه فلم يتألم‪ ،‬فقط أحس بأنه تجاوز فرفع رأسه‬          ‫ت َّم طرده من وظيفته فصار هكذا! الشاب العاشق‬
                                                      ‫ينظر إلى الأميرة ولا يتكلم‪ ،‬عيناه تقولان لعينيها‬
                                ‫وقال مستعط ًفا‪..‬‬      ‫الزرقاوين ما لا يقال‪ .‬العاشق الجميل لمس قلوب‬
‫‪ -‬اقبلي أسفي سمو الأميرة‪ ،‬فأنا ابن فلاح وفلاحة‬           ‫الصديقات‪ .‬اثنتان منهن أدركتا خطورة الأمر‪.‬‬
                                                    ‫همستا في أذن الأميرة؛ لكي تطرد الشاب في سرعة‪،‬‬
                               ‫ولا أحسن القول‪.‬‬       ‫فإذا انفضح أمره سينال عقا ًبا رهيبًا‪ ،‬لكن الأميرة‬
                   ‫في غضب وحيرة صاحت فيه‪..‬‬              ‫المغرورة لم تأبه لهما‪ .‬أشارت للعاشق أن يركع‬
       ‫‪ -‬اخفض رأسك للأرض أيها التافه الحقير‪.‬‬         ‫على ركبتيه فركع فو ًرا ورأسه مرفوعة تنظر إليها‬
‫العاشق نكس رأسه‪ ،‬ودمعات الحزن هطلت موجعه‪.‬‬             ‫ولها ًنا‪ .‬أشارت له بأن ينكس رأسه وينظر أسفل‬
      ‫الأميرة لم يصعب عليها حاله‪ ،‬ولم تشفق على‬
‫دموعه الذليلة‪ ،‬بل ضحكت فرحة بما فعلته بالشاب‬                                                 ‫ففعل‪.‬‬
    ‫الغلبان‪ .‬أخذت تسرع جارية حول الراكع أر ًضا‬                                              ‫سألته‪..‬‬
    ‫وهي تضحك منتشية‪ ،‬خلفها أسرعت ثلاث من‬                                   ‫‪ -‬لماذا تتبعني أيها الأبله؟‬
‫صديقاتها يقلدنها في العدو ضاحكات ساخرات من‬                                               ‫‪ -‬عشقتك‪.‬‬
   ‫الراكع المسكين‪ .‬الصديقتان اللتان لم يشاركا في‬                                           ‫‪ -‬ماذا؟!‬
‫العدو الساخر وقد صعب عليهن مذلة الشاب‪ ،‬قالت‬                 ‫‪ -‬فأنت ملائكية ذات عيون زرقاء ساحرة‪.‬‬
                                                          ‫كلماته التلقائية الساحرة لمست قلوب الأميرة‬
                                 ‫أولهما للأميرة‪.‬‬         ‫ووصيفاتها‪ .‬الأميرة أفاقت سري ًعا من دغدغة‬
          ‫‪ -‬مولاتي‪ ..‬حرام‪ .‬إنه شاب جميل ُمحب‪.‬‬                ‫كلمات العاشق‪ .‬ضحكت ساخرة وقالت‪..‬‬
                                                                                ‫‪ -‬كيف تحب أميرة؟!‬
                                  ‫وقالت الثانية‪..‬‬
       ‫‪ -‬مولاتي‪ .‬يجب أن تشفقي عليه فإنه ُمتيم‪.‬‬                                                 ‫‪.. -‬‬
                                                      ‫‪ -‬إن عرف الملك سيقطع رأسك‪ .‬أتعلم ذلك؟ تكلم‬
                                ‫ثم قالت الأولى‪..‬‬
     ‫‪ -‬أميرتنا‪ ..‬العشق لا يعرف الفرق بين حارس‬

                     ‫بسيط وأميرة بلاد‪ .‬ارحميه‪.‬‬
                                 ‫أردفت الثانية‪..‬‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120