Page 119 - m
P. 119
117 إبداع ومبدعون
القصة
الرابع صهوته خالية .خلفهم فصيلة من فرسان التي تقف خلف المخبول! زادوا عن المائتين
الملك مشرعة حرابها ،ثم أعداد من بلاطه يتقدمهم بمائتين! انمحت ابتسامات الملك وزوجة والأميرة.
الوزير .خلف جواد الأميرة صديقاتها الخمسة على
صهوات جيادهن ،فقد طالبت الأميرة بتواجدهن الحيرة تضعضعهما .فجر اليوم المائة يقترب،
لتتشجع بهن ،فهي في حالة انكسار حتى أن بريق وعليهم الوفاء بوعد ابنتهما الغبية بزواجها من هذا
عينيها الزرقاوين صار فيه غبش الإذلال. الحقير!
الجياد وقفت أمام الشاب وخلفه حشود الرعية. العجوز هي التي لاحظت قبل غيرها ،أن نظرة
فوجئوا بهذا الشاب الوسيم الرشيق الذي ينظر الاسترحام والانكسار والمذلة تنحسر سري ًعا من
ملامح الشاب العاشق .وفي فجر اليوم الثمانين،
لهم في تح ٍّد! الأميرة المنكسة الرأس رفعتها كادتا أن تختفيا ويحتل مكانهما نظرة رفض
ونظرت لجمال العاشق الذي لم يعد يتذلل .تلاقت تترسخ يو ًما بعد يوم حتى قاربت أن تكون ملامح
غضب .وجسده الذي كان يضمر وينحل ويهزل،
عيناها بعينيه ،عيناه واثقتان تنظران إليها بلا بدأ يتعافى ويعود لوزنه قبل محنة العشق الذليل.
مبالاة! وعيناها الزرقاوان صارتا غائمتين ،وقد وفي ليلة طلب َم ْن يحلق له شعر رأسه ولحيته
فارقتهما نظرات الاستكبار والتجبر .أما الملك فقد وشاربه! فت َّم له ما أراد ثم استحم وحده بدون
زادت ابتسامته اتسا ًعا ونفا ًقا ،أشار للشاب أن مساعدة من العجوز .وفي الفجر التالي ارتدى
يأتي ويمتطي الجواد! صاحت الحشود فرحة، ملب ًسا أني ًقا ،وفي قدميه خف لامع .وقف كما
لقد فاز الشاب العاشق بما أراده وفاز بالأميرة، كان ،شا ًبا جمي ًل يخلب الأنظار .شاب صامد كما
النخلتين على يمينه وشماله ،رغم قصر قامته
وفازوا هم أي ًضا ،وفرضوا إرادتهم على إرادة
الملك! عنهما.
الملكة بكت بحرقة في النهار التاسع والتسعين،
الشاب لم يتحرك ناحية الجواد .نظر للملك والملكة ثم تلاها الملك الذي انخرط في بكاء تح َّول لنحيب
ثم ترفع! دقيقة كاملة وصار الجمع وكأنه رسم بصوت سمعه الكثير من عبيده وخدمه .الذهول
ثابت على لوحة هائلة .وجه الشاب تح َّول من الملك تبدل وصار رعبًا اكتسح ملامحهما ،كيف تح َّولت
الرعية من الخشوع ،إلى رعية تتحدى وتصر على
والملكة ونظر لذات العينين الزرقاوين .وجدها التحدي؟ كيف؟ هذا المأفون المخبول هو السبب.
تنظر مبتسمة ابتسامة ضعف ورجاء .لكن حدث وسينال جزاءه بما لا يتوقعه لا إنس ولا جن .فلن
يقطع رأسه هكذا بسهولة ،لا .سيعذب بقسوة
ما هو أغرب من الخيال .الشاب التف وأعطى وستقطع أوصاله قبل قطع الرأس .وليس هو
ظهره للأميرة و َم ْن حولها وسار لبعيد. وحده َم ْن سيتم تعذيبه ثم قطع رأسه .لا .بل
*** العجوز التي كانت ترعاه أي ًضا ،لا .ليس المخبول
والعجوز فقط ،بل كل الرؤوس التي كانت ُتع ِّضد
أنهى ألفريدو العجوز حكايته .قام بصعوبة متكئًا المخبول من بدايات وقفته .يا للعذاب الفظيع الذي
على عصاته ،لكن الفتى توتو بقي جال ًسا يفكر في
مغزى ما حكاه له العجوز الأعمى؟ قال له صديقه ينتظره وينتظرهم.
الفجر المائة .لم تظهر الأميرة في شرفتها .الشاب
العجوز: وحشوده شاهدوا سرب فرسان مقبلين ناحيتهم،
-انهض يا توتو لتوصلني لبيتي؟ هيا ولا تسألني
هل هي فصيلة فرسان أتت لتشتتهم وتقتلهم
عن مغزى القصة التي حكيتها لك ،فأنا لا أعرف بعدما فاز ممثلهم وصمد المائة نهار كاملة؟ لكن
لها مغزى ،إن فهمت أنت فعليك أن تشرح معزاها
لا ..أربعة من الجياد في الصدارة على صهوة
لي يو ًما ما .هيا. ثلاثة منها ،يتربع الملك والملكة والأميرة ،الجواد
سارا صامتين .عجوز أعمى يمسك بعصا تعينه
على تحسس طريقه ،ويمينه تستند على كتف الفتى
توتو .لا ألفريدو يتكلم ولا توتو يتكلم.
-----
-قصة مستوحاة من فيلم «سينما باراديسو».