Page 122 - m
P. 122

‫العـدد ‪60‬‬                            ‫‪120‬‬

                                                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫غفران طحان‬

‫(سوريا)‬

‫صخب واختبارات القتل‬

 ‫تركتني مذهو ًل وأنا أنظر إلى قطع من لحمها ترقد‬                   ‫اختبارات القتل‬
 ‫بين أصابعي‪ ..‬سحبت نفسها وخرجت وهي تعلن‬
                                                            ‫وحدها تلك المومس أخبرتني بالحقيقة كامل ًة‪..‬‬
                                         ‫التوبة!‬                  ‫صرخت بألم متوحش‪ :‬في أعماقك قاتل!‬

                ‫***‬                                    ‫لحظتها أرخيت قبضتي عن بطنها بعد أن تركت فيه‬
                                                        ‫جر ًحا غائ ًرا‪ ..‬كنت أدرك أن صرخاتها لم تكن من‬
      ‫جدي الذي طال مرضه كنت أعتني به بحب‪،‬‬                ‫النشوة‪ ،‬وأن ما ينسل من جسدها من دماء ليس‬
   ‫ولكنني سئمت من موال السعال الصباحي الذي‬
‫يجعله ملتا ًثا بنوبة اختناق؛ كنت أنهض من فراشي‬         ‫نتيجة ما نمارسه من حب عنيف فقط‪ ،‬ولكنني كنت‬
‫بتكاسل نحوه لأساعده ببعض الرذاذ‪ ،‬فيرتاح ومن‬               ‫مدفو ًعا لإحداث ذاك الألم فيها‪ ..‬نشوة صراخها‬
                                                              ‫المكلوم كانت ترضي عقلي الذي كان يسجل‪:‬‬
                            ‫ثم أغسل له وجهه‪..‬‬             ‫“تقلص في تفاصيل الوجه‪ ..‬انتحاب في العينين‪..‬‬
      ‫في ذلك اليوم قدمت المنشفة من وجهه؛ رغبة‬                 ‫تسرع في القلب‪ ..‬ولكنها ما زالت قادرة على‬
 ‫جامحة دفعتني لإطالة بقائها على وجهه الضامر‪..‬‬                                               ‫الانتشاء»‪.‬‬
‫تما ًما بين أنفه وذقنه المعبدة بالتجاعيد الناعمة؛ كان‬
                                                       ‫لم أكن حينها مشغو ًل بنشوة أو شبق‪ ..‬كنت أختبر‬
                     ‫يهتم بحلاقة ذقنه أكثر مني!‬               ‫طاقتي على تحمل إحداث الوجع مرة أخرى!‬
‫عندما أطلت الضغط بالمنشفة على وجهه راح يحرك‬
                                                          ‫هل قلت‪ :‬مر ًة أخرى! نعم ثمة مرات سابقة لهذه‬
              ‫يديه ملتا ًثا‪ ،‬بينما أختبر فعل القتل‪..‬‬            ‫الحادثة ولكنني لم أكن أصدق القاتل ف َّي‪..‬‬
‫وعقلي يسجل التفاصيل‪“ :‬تشنج في الوجه‪ ..‬عصبية‬
                                                        ‫قالت المومس‪ :‬ليس المرة الأولى التي أعمل فيها مع‬
         ‫في الحركة‪ ..‬لهاث يتصاعد‪ ..‬استسلام‪.”..‬‬           ‫شخص دموي‪ ..‬ولكنهم جمي ًعا كانوا يبحثون عن‬
‫هنا توقفت‪ ،‬وعيت أنني سأقتله‪ ،‬فارتعدت وأرخيت‬
 ‫يدي‪ .‬تنفس جدي مجد ًدا‪ ،‬لم يقل حينها أي كلمة‪..‬‬             ‫النشوة‪ ..‬ما تبحث عنه أنت مختلف‪ ..‬إنك قاتل!‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127