Page 125 - m
P. 125
123 إبداع ومبدعون
القصة
الضجيج المتاحة.
يأكلني الغضب فأنقر بعكازي على الأرض ،وما من
استجابة لصخبي الهزيل ،وكلما أرد ُت النهو َض
إليهم لتهديدهم ح ًّقا أقعدني الكسل ،بل ربما هو
الخوف على بعض النعاس الذي يخاتل جفن َّي بين
حي ٍن وآخر.
من مكاني أراهم ،مجموعة من الرجال والنساء،
والكثير الكثير من الأطفال المشاغبين ،أولئك الذين
لا ينامون أب ًدا .لا أدري متى تكاثروا وصنعوا هذه
القبيلة؟!
نرجيلة ،طاولة ،شاي ،قهوة ،والكثير من أوراق
اللعب المبعثرة ،وأوراق أُخرى تمسكها الأيدي
بحذ ٍر ،خشي َة أن يطل َع عليها أحد.
أحد الأولاد المشاغبين يدور حول اللاعبين ،ويفضح
لأبيه أورا َق الآخرين بحركا ٍت من يديه.
يفوز الأب ،يضحك بصخ ٍب ،يخبط الخاس ُر على
الطاولة مستا ًء لاعنًا ،زوج ُته تضحك متشفي ًة به،
وشريكه يشتمه ،أما الطفل فيدور مرة أخرى،
وينس ُل من جيب أبيه ما ًل تركه له.
يرفض الخاس ُر الاعترا َف بالهزيمة ،تعلو الأصوات
أكثر ،يبدأ السباب ،وتعلو نبرة الغضب ،أحد الرجال
يرمي نكت ًة فاضحة ،فينفجر الجميع بالضحك،
ينسى الخاسر هزيم َته ،يتوعد بفو ٍز حار ٍق ،ثم
يتابعون اللعب.
النسو ُة يتهامس َن بالنميمة ،والنكات أي ًضا ،ثم يعلو
صوت ضحكاتهن المجلجلة .يرسل شاب يجلس
بالقرب من الرجال قبل ًة لإحدى الفتيات التي
تحمر خج ًل ،بينما تقرصها أمها ،لتصخب بصراخ
متوج ٍع .والأولاد يدورون ويلعبون.
مزيد من الصخب ،مزي ٌد من الصخب ،سئم ُت من
متابعتهم ،رأسي يؤلمني ،أريد النوم ،ها هي الساعة
تتجاوز الخامس َة صبا ًحا ،سأخرج إليهم ،سأعيد لي
هيبتي ،أنا رب هذه الأسرة اللعينة ،أنا الجذر الأول
لها ،وعليهم أن يحترموا رغبتي ،ويكفوا عن إحداث
الصخب.
اللعنة..
مر ًة أخرى أتعثر بهذا الإطار الخشبي الذي يحيط
بغرفتي ،وي ْع َل ُق عكازي بالشريط الأسود.