Page 123 - m
P. 123

‫‪121‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة‬

   ‫المهووسين بالقتل عالميًّا‪ ،‬نتناقش في تلك الأمور‪،‬‬       ‫سعل وسعل‪ ،‬أحضرت له الماء‪ ،‬لم ينظر نحوي‬
  ‫لنصل إلى نتيجة واحدة أنه ما من قاتل من هؤلاء‬       ‫أب ًدا‪ ..‬يومان آخران‪ ،‬واستسلم لنوبة اختناق صامتة‬
   ‫كان يسعى لرفع قيمة القتل ومنافسة الموت‪ ،‬بل‬
 ‫إنهم كانوا يهينون الموت والقتل م ًعا‪ ،‬كلهم يرضي‬                                              ‫ومات!‬

       ‫غريزة ما فيه؛ ليس منهم من اهتم بتفاصيل‬                        ‫***‬
                                 ‫الموضوع عقليًّا‪.‬‬
                                                         ‫لم يكن طي ًفا مرعبًا‪ ،‬جلس بكامل أناقته بالقرب‬
‫جلس السيد قتل على ركبتيه أمامي‪ ،‬وراح يبحلق ف َّي‬         ‫مني‪ ،‬لم يكن يضع قنا ًعا‪ ،‬ولا يحمل منج ًل كما‬
 ‫طوي ًل‪ ،‬ثم أمسكني من رأسي‪ ،‬وراح يهزني بقوة‪:‬‬         ‫يصورونه دو ًما‪ ،‬كان بوجه بارد محايد‪ ،‬مع بوردة‬
  ‫هيا اصنع شيئًا‪ ،‬حررني من ذاك العار‪ ،‬أحتاج أن‬          ‫صفراء في جيبه الأيسر‪ ،‬وضع قد ًما فوق أخرى‪،‬‬

   ‫أفخر بسجل إجرامي مشرف ضم كل الأسباب!‬                                               ‫وقال‪ :‬أنا القتل!‬
    ‫نتيجة للهزة تلك انسحب عقلي مني‪ ،‬وجلس هو‬             ‫قلت له‪ :‬تقصد الموت! قال‪ :‬لا لست الموت‪ ..‬الموت‬
                                                         ‫ربما أكثر شراسة مني‪ ،‬له ألف لون ولون‪ ..‬أنا‬
                ‫الآخر بكامل تعقيداته بالقرب منا‪.‬‬
                                                                                         ‫بلون واحد!‬
                ‫***‬                                    ‫قلت له‪ :‬حسنًا‪ ..‬هل تريد أن تقتلني؟ ضحك وقال‬
                                                     ‫لي‪ :‬لا إنني أنوي استئجارك‪ ..‬أحتاج شخ ًصا يجعل‬
   ‫يوميًّا كنا نمضي ثلاثتنا أنا والسيد موت وعقلي‬
          ‫الرافض للعودة إل َّي اليوم ونحن نخطط‪..‬‬        ‫مني فع ًل يرضي عقله لا غريزته‪ ..‬فع ًل يختبره‬
                                                     ‫بالنتائج؛ تما ًما كتلك الحادثة التي دونتها في دفترك‬
 ‫هل قلت نمضي؟! الحقيقة كنت مجرد كلب يسيره‬
  ‫عقله؛ وقد وضع سلسلة في رقبته حتى لا يضيع‪،‬‬                                        ‫عن الطفل الصغير!‬
   ‫كانا يمشيان سعداء م ًعا يتناقشان في العديد من‬       ‫ارتعدت أوصالي وأجبته‪ :‬أي طفل وأي دفتر؟! هل‬

     ‫الأمور‪ ،‬مشاغل القتل الكثيرة في زمن الحرب‪،‬‬                                        ‫تتجسس عليَّ؟!‬
  ‫ومشاغل العقل الكثيرة في إعداد خطة لردع قلبي‬         ‫قال‪ ،‬وهو يلعق أثر دم نبت على إصبعه فجأة‪ :‬إنني‬

     ‫وضميري عن التدخل في عملية القتل المنتظرة‪.‬‬           ‫أفعل! الطفل الذي راقت لك ضحكته‪ ،‬وكنت تود‬
‫لم أذكر لكم أنني فشلت في تنفيذ الجريمة المرسومة‬      ‫اختبار تلك الضحكة بعد الموت‪ ..‬أعرف ما دونته من‬
                                                     ‫تفاصيل‪“ :‬لون البشرة‪ ،‬الرائحة‪ ،‬ترددات الضحكة‪،‬‬
    ‫بدقة‪ .‬تلك الفتاة الجميلة والشهية والتي نجحت‬
‫باستمالتها‪ ،‬كانت ترقد فوقي شبه عارية بينما كنت‬         ‫الطول‪ ،‬الوزن‪ ،‬حتى دفقة الدفء التي تنساب من‬
                                                      ‫جسده‪ ”..‬كلها وضعتها ضمن أولوياتك‪ ،‬كنت تود‬
                                 ‫أمتص صوتها‪.‬‬           ‫اختبار ذلك الجمال بعد الموت‪ ،‬ولكنك كنت جبا ًنا‪،‬‬
  ‫أمرني عقلي بابتلاع لسانها أو ًل‪ ،‬بينما كان السيد‬
                                                        ‫أرخيت حضنك القاسي قبل أن أحصل على روح‬
      ‫قتل يفرك يديه‪ ،‬وهو يدقق في التفاصيل التي‬          ‫ذاك الطفل الجميل‪ ..‬كان ممت ًعا أن أحصده بهذه‬
                    ‫كتبتها‪ ،‬ويصفق لسير الخطة‪.‬‬        ‫الطريقة اللطيفة! وقد وضعت تعلي ًقا غبيًّا في دفترك‬
                                                     ‫«كنت أحضن روحه»‪ ،‬أيها الجبان‪ :‬عليك أن تعترف‬
 ‫لسانها الشهي كان على وشك أن يذوب في معدتي‪،‬‬
    ‫وأنا أقبض بشغف على رقبتها‪ ،‬عندما ارتعشت‬                                 ‫بأنك كنت تنوي حصادها!‬
         ‫بكلها‪ ،‬وطاف بي حريق من شهوة وحب!‬              ‫أسقط في يدي‪ ،‬كنت مكشو ًفا أمام السيد قتل هذا‪،‬‬
                                                      ‫وبدل أن أجعل منه اختبا ًرا جعلني ماد ًة لسخريته!‬
                ‫***‬
                                                                     ‫***‬
   ‫بقيت نكهة تلك الفتاة تلازمني في جميع رحلات‬
    ‫البحث عن ضحية جديدة‪ ،‬كان عقلي كلما أحس‬                  ‫صار السيد قتل رفي ًقا لي‪ ،‬يهتم بملاحظاتي‪،‬‬
                                                           ‫يناقشني في الخطط التي أطرحها‪ .‬نجلس م ًعا‬
      ‫بتسربها إلى خططه التي يمليها عليَّ يجلدني!‬         ‫يوميًّا لنتابع عد ًدا من الأفلام الوثائقية عن أكثر‬
    ‫مرة سجلت في الورقة «شوق» بدل كلمة أخرى‬
    ‫كانت ترصد رائحة العفن التي تتدفق من جيف ٍة‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128