Page 204 - m
P. 204

‫العـدد ‪60‬‬                           ‫‪202‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬                      ‫التحديد على معنى المتكلم‪،‬‬
                                                                    ‫ويجعل من الضروري‬
  ‫اللغوي وتطور اللغة بشكل‬         ‫الاستجابات السلوكية‪ .‬من‬
 ‫أساسي على الوجود المسبق‬         ‫الواضح أن المتلقي المقصود‬       ‫استكمال الرموز التقليدية‬
                                ‫ربما احتج بد ًل من الضحك‪.‬‬         ‫بالاستدلال العملي‪ .‬بينما‬
   ‫لنظرية العقل من نوع ما‪.‬‬                                      ‫في نموذج سكوت فيليبس‪،‬‬
    ‫ومع ذلك‪ ،‬كما رأينا للتو‪،‬‬           ‫وهكذا‪ ،‬في حين يقدم‬         ‫يتوفر الاستدلال العملي‪،‬‬
 ‫فإن فكرة أن اللغة هي نظام‬            ‫سكوت فيليبس نظرية‬         ‫إلا أن هذا يعني أن الألفاظ‬
  ‫اتصال بالمعنى القوي الذي‬       ‫أصلية وجذابة‪ ،‬فإنه يقع في‬    ‫المختلفة لنفس الجملة لن يتم‬
   ‫تطورت فيه للتواصل هي‬            ‫مواجهة بعض الصعوبات‬         ‫إقرانها بشكل متكرر بنفس‬
    ‫فكرة غير قابلة للتصديق‬      ‫نفسها التي ابتليت بها نظرية‬        ‫المعلومات‪ .‬وهذا يقودنا‬
    ‫في ضوء الصعوبات التي‬          ‫ميليكان‪ .‬تشخيصي هو أن‬          ‫إلى نسخة عملية من حجة‬
                                    ‫هذا يمكن تفسيره بشكل‬
                  ‫تواجهها‪.‬‬         ‫أساسي من خلال حقيقة‬                ‫الافتقار إلى التاريخ‪:‬‬
‫أحد الاقتراحات الواضحة إلى‬       ‫أن هذه الصعوبات تأتي من‬          ‫حجة الافتقار إلى التاريخ‬
                                ‫الافتراض الأساسي المشترك‬      ‫(عملية)‪ :‬نظ ًرا لنقص التحديد‬
   ‫حد ما لتفسير استخدامها‬        ‫بين وجهتي النظر وهو‪ :‬أن‬         ‫الدلالي‪ ،‬فإن معنى الكلام‪،‬‬
‫في التواصل البشري هو أنها‬            ‫اللغة هي نظام اتصال‪.‬‬        ‫المنسوب إلى متكلم واحد‪،‬‬
 ‫تطورت في الأصل لأغراض‬                                             ‫في جملة معينة‪ ،‬غالبًا ما‬
 ‫مختلفة تما ًما ثم تم تكييفها‬   ‫الدماغ الجاهز للغة‬                ‫يكون لمرة واحدة‪ ،‬أي أنه‬
                                                               ‫لن ُينسب بالضرورة إلى أي‬
  ‫للتواصل‪ .‬إن تحديد ماهية‬         ‫إن الافتراض بأن اللغة هي‬       ‫متكلم آخر‪ ،‬لنفس الجملة‪.‬‬
     ‫هذه الأغراض هو شرط‬           ‫نظام اتصال يفرض قيو ًدا‬     ‫بمعنى آخر‪ ،‬تفتقر الألفاظ إلى‬
    ‫أساسي لتحديد القدرات‬           ‫واضحة على القدرات التي‬     ‫الاستقرار الدلالي الضروري‬

 ‫الموجودة مسب ًقا والتي يجب‬          ‫يجب أن تكون موجودة‬             ‫لإنشاء قانون تقليدي‪.‬‬
    ‫أن تشكل الدماغ الجاهز‬           ‫مسب ًقا حتى تتمكن اللغة‬       ‫ولننتقل الآن إلى الردود‪.‬‬
   ‫للغة‪ .‬هنا‪ ،‬تذكر السؤالين‬          ‫من الانطلاق‪ .‬ومن غير‬        ‫المثال الذي قدمه «سكوت‬
                                    ‫المستغرب‪ ،‬بالنظر إلى أن‬    ‫فيليبس» للإشارة هو‪ :‬رجل‬
‫المذكورين في قسم «المقدمة»‪،‬‬       ‫التواصل هو مثال لظاهرة‬       ‫يدفع امرأة إلى الأسفل تحت‬
  ‫وبشكل أكثر تحدي ًدا سؤال‬          ‫اجتماعية‪ ،‬أن تكون هذه‬          ‫أعين زميله الآخر الذي‬
 ‫لماذا يحتاج البشر ‪-‬والبشر‬      ‫القدرات اجتماعية‪ .‬في نموذج‬       ‫يضحك ر ًّدا على ذلك‪ .‬كان‬
                                   ‫الكود‪ ،‬القيد الرئيسي هو‬      ‫المقصود من الدفع أن يراه‬
‫فقط‪ -‬إلى نظام اتصال يسمح‬           ‫الصدق‪ ،‬وهذا أكثر أهمية‬        ‫الزميل الضاحك‪ ،‬وبالتالي‬
   ‫لهم بالتواصل مع عدد لا‬        ‫في اللغة‪ ،‬نظ ًرا لفرص الغش‬   ‫فهو إشارة تواصلية مصممة‬
                                  ‫التي يوفرها نظام الفصل‪.‬‬       ‫لتحفيز الضحك كاستجابة‬
‫نهائي من المحتويات المختلفة‪.‬‬     ‫وقد أدى هذا إلى وجهة نظر‬      ‫مصممة لها‪ .‬في حين أن هذا‬
   ‫التواصل منتشر بطبيعته‪،‬‬         ‫مفادها أن الإيثار باعتباره‬    ‫المثال ليس بالتأكيد عرضة‬
  ‫لكن اللغة فريدة من نوعها‪.‬‬                                   ‫لفرضية اكتشاف الاستجابة‬
  ‫وهذا يثير على الفور سؤا ًل‬            ‫نزعة تطورية مؤيدة‬
     ‫آخر‪ :‬من أين تأتي هذه‬        ‫للمجتمع‪ ،‬هو شرط أساسي‬               ‫(حيث يمكن اكتشاف‬
                                                                  ‫الضحك)‪ ،‬إلا أنه مع ذلك‬
‫المحتويات اللانهائية المختلفة؟‬     ‫للتواصل اللغوي البشري‬       ‫عرضة لفرضية عدم تحديد‬
   ‫وكما لاحظ ميليكان بحق‪،‬‬          ‫وتطور اللغة‪ .‬في النموذج‬
                                   ‫الظاهري‪ ،‬يعتمد التواصل‬
 ‫فإن التطور المعرفي البشري‬
   ‫فريد أي ًضا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬

 ‫إحدى الإجابات المحتملة على‬
‫السؤال أعلاه هي أن الأنواع‬

  ‫المتطورة معرفيًّا تحتاج إلى‬
  ‫نظام اتصال متطور بشكل‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209