Page 29 - m
P. 29

‫‪27‬‬         ‫إبداع ومبدعون‬

           ‫رؤى نقدية‬

                                                                       ‫وإما أن يجعل الراوي‬

                                                                       ‫من نفسه ذا ًتا تعادل‬
                                                                       ‫موضوعيًّا الرؤية‬
                                                                       ‫الشخصية الحكائية المخبر‬

                                                                       ‫عنها‪ ،‬وإما أن يكون هو‬

                                                                       ‫ما يقوم بعملية الحكي‬

                                                                       ‫بطريقة مباشرة‪ ،‬وهذا‬

                                                                       ‫يقودنا إلى تقسيم السرد‬

                                                                       ‫في الشعر تقسي ًما يبتعد‬
                                                                        ‫عن التصور الحكائي‪،‬‬

                                                                       ‫وهذا التقسيم يتصل‬

                                                                        ‫باتجاه السرد مواز ًيا‬
                                                                       ‫للخطاب‪ ،‬فنعتمد حينئذ‬

                                                                       ‫على مفاهيم كالوصف‬

                                                                       ‫والتشخيص‪ ،‬والمشهد‪،‬‬

‫سيزا قاسم‬  ‫سعيد يقطين‬                                   ‫رومان ياكبسون‬  ‫وسرد توهم الحكاية‬
                                                                       ‫الذي يكثر في الشعر‬

                                                                       ‫المعاصر في مصر‪ ،‬كما أن‬

  ‫‪ -3‬التحولات الحكائية المتعددة‪ :‬ويتجادل فيها‬           ‫السارد الواحد في النص لا يحمل العمل أكثر من‬
 ‫عدد من الرواة على لسان الراوي الفعلي أو الراوي‬
 ‫الضمني‪ ،‬ويمكن إدراك ذلك بسهولة في النصوص‬               ‫مجرد الإشارة إليه‪ ،‬فينأى عن التجريد والترميز‬
  ‫الحكائية‪ ،‬ولكن إدراكها في النص الشعري يحتاج‬
 ‫إلى مزيد من التدقيق‪ ،‬لأن الأفعال البدنية هي التى‬       ‫والتشخيص‪ ،‬ولكن البحث يلجأ إلى مثل هذه‬
‫تسيطر على حركة السارد وليست الأفعال الحدثية‪.‬‬
 ‫وأقصي ما يقال أن السارد الآخر شخصية تنتمي‬              ‫المقولات إذا تعدد الرواة في النص واختلطوا بصورة‬

   ‫إلى العالم الأدبي للسارد الفعلي أكثر من انتمائها‬     ‫تجعل الفصل بينهم أحيا ًنا يستحيل عند القارئ‪،‬‬
                        ‫للسياق الخارجي للنص‪.‬‬            ‫ويمكن رصد عدد من الوجوه التي يتحقق بها‬

                  ‫ثان ًيا‪ :‬الحدث وعلاقات الزمن‪:‬‬                        ‫السارد في النص كالتالي‪:‬‬
‫إن الحدث ‪-‬أو الفعل‪ -‬في النص السردي يعد حتمي‬
                                                        ‫‪ -1‬الوجود المباشر “الصوت السردي الأول”‪:‬‬
 ‫الوقوع بوجود الذات التى قامت بإنجازه‪ ،‬وأعطت‬
‫له حي ًزا خارجيًّا يمكن أن يتميز به في فضاء خاص‬         ‫ويتحقق في النص بطريقتين‪ :‬الأولى‪ ،‬أن يكون‬
 ‫يمكن تلمسه في النص‪ ،‬والحدث إما أن يكون حد ًثا‬
 ‫تاريخيًّا‪ ،‬أو واقعيًّا‪ ،‬أو متخي ًل في النص القصصي‪،‬‬     ‫السارد هو المؤلف الفعلي للنص‪ ،‬والثانية أن يكون‬

      ‫وبالتالي فإنه يتكون من عدد من الأفعال التى‬        ‫إدراكه عن طريق السارد الفعلي بطريق مباشرة‪،‬‬
   ‫تتصل به وتدرك بوجوده ويدرك هو بوجودها‪،‬‬
    ‫وإما يكون حد ًثا «فع ًل» بدنيًّا وينتمي أي ًضا إلى‬  ‫كالإشارة إليه أو الإفصاح عنه بأحد الضمائر‬
    ‫الفعل الحدثي‪ ،‬وكلا النوعين يتسمان بالزمنية‪،‬‬
 ‫أي أنهما يوجدان في زمن ما ويوصفان أحيا ًنا بما‬                        ‫البارزة في النص‪.‬‬

                                                        ‫‪ -2‬حكاية الصوت الآخر «السارد الضمني»‪:‬‬

                                                                       ‫ويمكن إدراكه في النص بطرق منها‪:‬‬
                                                                       ‫أو ًل‪ :‬أن يكون راو ًيا داخل الحكاية‪.‬‬
                                                        ‫ثانيًا‪ :‬أن يكون شخصية حكائية داخلة في إطار‬
                                                                       ‫السرد‪.‬‬
                                                        ‫ثالثًا‪ :‬أن يكون صو ًتا ملتب ًسا بالسارد الفعلي‪ ،‬وقد‬
                                                          ‫عارض الكثير من الدارسين وجود هذا السارد‬

                                                                       ‫باعتباره من صنع المؤلف‪.‬‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34