Page 30 - m
P. 30

‫العـدد ‪60‬‬   ‫‪28‬‬

                                                   ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

          ‫كما يمكن أي ًضا رصد تنامى هذه الأفعال‬                                          ‫يناسبهما‪.‬‬
 ‫«الحدثية” بالذات‪ ،‬ورصد التطور الحاصل لها من‬                ‫والحدث في النص بين زمنيتين محددتين‪:‬‬

    ‫خلال العلاقات النصية التى توجد‪ ،‬ومن خلال‬                           ‫الأولى‪ :‬زمنية الفعل الأصلي‪.‬‬
   ‫علاقات السارد بها‪ ،‬وهذا التطور والتنامي يمكن‬                     ‫الثانية‪ :‬زمنية الفعل الحكائي‪.‬‬
   ‫إدراكه في عدد من المصطلحات السردية الخاصة‬              ‫ويمكن أن نلتمس بين الزمنيتين زمنية ثالثة‬
                                                          ‫تتصل بأحد عناصر المنظور السردي‪ ،‬وهذا‬
     ‫بالمدي الزمني بين الأفعال مثل سرعة السرد‪،‬‬      ‫المنظور الذي يعتمد على تسلسل الأزمنة يختفي في‬
  ‫والاستباقات الزمنية‪ ،‬والاسترجاعات والمشهدية‪،‬‬       ‫النص الشعري‪ ،‬لأن التصور فيه لا يقوم في أغلب‬
 ‫وغيرها مما يمكن أن يقدمه النص السردي للحدث‬        ‫النصوص على فعل حدثي‪ ،‬وإنما على فعل بدني‪ ،‬لذا‬
                                                   ‫فإن مورفولوجية الزمن‪ ،‬من حيث عناصر بنائه في‬
     ‫المحكي‪ ،‬كما يمكن أي ًضا رصد التداخلات التى‬      ‫الحاضر‪ ،‬والماضي والمستقبل تصبح أكثر برو ًزا‪.‬‬
‫تنشأ بين الأزمنة المختلفة وتتجاذب أطراف المنظور‬     ‫كما تتحكم في هذه الرؤية الزمنية عناصر وصفية‬
‫السردي وبخاصة بين زمن الحكاية وزمن العرض‪،‬‬               ‫متداخلة في النص الشعري‪ ،‬يرمز لها أو تذكر‬
                                                     ‫صراحة‪ ،‬ولكن إذا اعتمد النص على حدث ما‪ ،‬فإن‬
                       ‫والمقابلات الناشئة بينهما‪.‬‬       ‫حركة السرد أي ًضا يتم إدراكها بواسطة البناء‬
            ‫ثال ًثا‪ :‬الشخصيات والبناء السردي‪:‬‬      ‫الخاص بالسارد والذي لا يخضع بالضرورة لمنطق‬
‫في النص السردي يتحتم على الراوي أن يخلق عالمه‬      ‫المنظور السردي في القصة والرواية‪ ،‬ويصبح الزمن‬
                                                    ‫النحوي هو أكثر الأزمة إدرا ًكا في النص الشعري‪،‬‬
                             ‫وفق أحد منظورين‪:‬‬        ‫حتى وإن اعتمد النص على منظور حكائي ما‪ ،‬لأن‬
  ‫الأول‪ :‬عالم المنظور الحكائي‪ ،‬وهنا تصبح الرموز‬      ‫الحكاية فيه لا تدرك بأحداثها في أغلب النصوص‬
   ‫النصية بما فيها الشخصيات أداة من أدوات هذا‬         ‫الحكائية الشعرية وإنما تدرك بآثارها وبرؤيتها‬
‫العالم‪ ،‬وجزء من مكوناته‪ ،‬لأن الدرامية التى يسمح‬
                                                                               ‫وبتأويلاتها المختلفة‪.‬‬
   ‫بها المنظور الحكائي توجد هذه الذوات‪ ،‬وبالتالي‬    ‫ويمكن رصد عدد من مستويات الأفعال وعلاقتها‬
  ‫فإن أيه شخصية في الحكاية‪ ،‬أو في الحدث‪ ،‬أو في‬
 ‫إطار الفعل تحمل عبء التطور الحادث في الحكاية‪.‬‬                                      ‫بالزمن كالتالي‪:‬‬
                                                       ‫مستويات الأفعال المنجزة‪ :‬وهي الأفعال التى‬
       ‫الثاني‪ :‬وهو عالم المنظور الخاص بالراوي‪،‬‬         ‫يقدمها السارد من التراث أو التاريخ أو الواقع‪،‬‬
   ‫وبالذات في القصص التى تتبع وجود الراوي أو‬          ‫أو السيرة الذاتية ويقوم بتأويلها بحسب رؤيته‬
   ‫يكون الراوي هو الموجه الوحيد لها‪ ،‬وهنا تصبح‬
 ‫أية رموز نصية «تودروف» بين نوعين من الذوات‬                 ‫الخاصة‪ ،‬وهى بدورها تتفرع إلى عدد من‬
                                                                                        ‫المستويات‪.‬‬
     ‫في العمل‪ ،‬الذوات الفاعلة‪ ،‬والذوات موضوعات‬
                                         ‫الفعل‪.‬‬                           ‫‪ -1‬أفعال منجزة مؤولة‪.‬‬
                                                                 ‫‪ -2‬أفعال منجزة محتملة التأويل‪.‬‬
    ‫فإن كانت من النوع الأول‪ ،‬فهي تدخل في إطار‬
  ‫الراوي‪ ،‬وبالأخص إذا تعدد الرواة‪ ،‬وإن كانت من‬                                   ‫‪ -3‬أفعال يقينية‪.‬‬
                                                                                  ‫‪ -4‬أفعال ظنية‪.‬‬
    ‫النوع الثاني فهي من أدوات التشكيل في النص‬        ‫وهو تقسيم يمكن أن يكون أقرب إلى واقع النص‬
     ‫وبالأخص إذا كانت تحمل مدلولات تراثية‪ ،‬أو‬       ‫الشعري من النص القصصي‪ ،‬لأن الأخير لا يعتمد‬
     ‫أسطورية‪ ،‬أو شعبية لها خلفية تؤدي دو ًرا في‬     ‫على الرؤية الأحادية والخاصة بالسارد وما ينجزه‬
      ‫النص وتعمل في إطار مبدأ الوظائف السابقة‪،‬‬      ‫فقط‪ ،‬ولكن هناك مدلولات أخرى سردية تسهم في‬
   ‫وتصبح إشاراتها وهيئتها بمثابة الحوافز‪ ،‬سواء‬     ‫بناء المنظور الحكائى‪ ،‬وتتحدد على أساسها عدد من‬
‫كانت مقيدة‪ ،‬أو حرة‪ ،‬وسواء كانت متصلة بمجموع‬                                 ‫مكونات الحدث المحكي‪.‬‬
  ‫الأحداث التى تكون مادة النص‪ ،‬أو كانت مختصة‬

                 ‫بنظام ظهور الأحداث في الحكي‪.‬‬
 ‫وتتميز الشخصيات في القصة بأنها يمكن التعويل‬

   ‫في دراسة النص على فعلها والتعرف على عاملها‪،‬‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35