Page 303 - m
P. 303
الملف الثقـافي 3 0 1
ما بين السطور» بسبب العمل الذي سبب له أكبر قدر ترجماتها الصادرة حديثًا
تحايل ال ُكتَّاب على الحيل من الحزن منذ ذلك الحين، والمشاد بها كثي ًرا مثل تلك
الرقابية ،بطيئًا في إدراك أعني بذلك رواية «أولاد المنشورة باللغة الإنجليزية
مضامين ما كان يقصده حارتنا»(*) .بالاستعانة بواسطة دار نشر «دابلداي»
محفوظ في هذا العمل .هنا بشخصيات الأنبياء :آدم
كان الروائي المشهور الآن (أدهم) ،وموسى (جبل)، ( Doubledayوأشرفت
-على الأقل على مستوى وعيسى (رفاعة) ،ومحمد عليها جاكلين أوناسيس
العالم العربي والممثل لتيار (قاسم) ،يتتبع محفوظ Jacqueline Onassis
الواقعية الاجتماعيةُ -ي َح ِّول تاريخ علاقة الإنسان شخصيًا)( .)10إذن ،هل كان
بالعقيدة التوحيدية حتى الاحتفاء بمحفوظ في أعقاب
انتباهه نحو موضوع العصر الحديث المتمثل في حصوله على جائزة نوبل عام
جديد ،وبطريقة مجازية 1988بإطلاق لقب «ديكنز
تما ًما .وتكمن المشكلة في الشخصية الخامسة «عرفة»، المصري» (أو كان بلزاك أو
هذا التصور ،بالطبع ،في أن وهو المكافئ لـ»المعرفة» فلوبير؟) عليه مقصود به
الموضوع لم يكن في الواقع أو العلم .و ُو ِض َع تسلسل إطرا ًء حقيقيًّا للأديب المصري
موضو ًعا «جدي ًدا» بالنسبة الديانات السماوية ضمن الحائز على نوبل ،أم كان
لمحفوظ ،بل يتطلب الأمر السياق المجازي للحارة، الغرض بالأحرى أن ُي َف َّسر
معرفة أكبر بكثير بالمسيرة حيث يرمز إلى الميل إلى على أنه شيء أشبه بالتربيت
المهنية السابقة للكاتب من على رأس أديب عربي تمكن
أجل اكتشاف مدى اهتمامه العنف -وهو للأسف جزء من استنساخ رواية ملحمية
أساسي من دور المعتقد عائلية أوروبية وكتابتها
بالعلاقة بين الحداثة، باللغة العربية؟ ولكن تبقى
والعقيدة الدينية ،والفلسفة، الديني في تاريخ البشرية- النقطة الأهم فيما يتعلق
وتنمية مجتمع عادل في دولة (كما تعكس الأحداث بالرواية العربية نفسها:
بحلول عام - 1988أي بعد
عربية ما بعد الاستقلال. المعاصرة بوضوح مثير مرور حوالي 20عا ًما على
لكن دفنت هذه الخفايا في للفزع) عبر الوجود الوشيك نكسة يونيو -ألم يقم جيل
الاحتجاج الصاخب الذي شاب من الروائيين العرب
قام به الأزهر أثناء نشر للفتوات أو العصابات الذين استلهموا نموذج
الرواية على هيئة حلقات في البلطجية التي اعتادت ترويع محفوظ ،وكذلك شخصيته،
جريدة الأهرام .وهذا مما لا سكان «الحارة» .وخلف كل بأخذ الرواية العربية في
شك فيه علامة واضحة على هذا وخارجه ،تقف شخصية
تغير ميزان القوى والسلطة العديد من الاتجاهات
داخل مصر بين عام 1959 «الجبلاوي» ،الذي يطرد الجديدة والمختلفة؟(.)11
«أدهم» من منزله بلا رجعة،
والآن ،حيث قام رئيس ويشاهد في يأس أحفاده وهم حقبة الستينيات
تحرير الجريدة آنذاك ،محمد يسيئون استخدام «الوقف»
حسنين هيكل ،الذي اعتبرت لقد كان العمل الذي أظهر
الذي خصصه لهم .وفي «محفوظ» من خلاله مدى
افتتاحياته على نطاق واسع القسم الأخير من الرواية إدراكه أن تغيير الاتجاه هو
ناطقة باسم الرئيس جمال يذهب «عرفة» ،وهو يحمل أمر لا مفر منه ،هو أي ًضا
عبد الناصر نفسه ،بالوقوف مادة مدمرة عجيبة ،إلى منزل
إلى جانب محفوظ والدفاع «الجبلاوي» الواقع خارج
عنه وأصر على رفض وقف
الحارة ويقتله.
ولم يكن جمهور القراء
المصريين ،الذي اعتاد «قراءة