Page 38 - m
P. 38

‫العـدد ‪60‬‬                      ‫‪36‬‬

                                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫خيا ًل‪ ،‬والخيال باعتباره واق ًعا‪ ،‬والواقع باعتباره‬  ‫‪ -‬التحولات (ميتامورفوزس) وأنسنة الكائنات‬
  ‫كليهما‪ .‬ومع ذلك فهو في معظم القصص تقريبًا‬                                  ‫(الأنثروبومورفية)‪.‬‬
‫يمارس مع القارئ لعبة كسر الإيهام (مثلما فعل‬
  ‫صمويل بيكيت في مسرحه العبثي‪ ،‬فيما أسماه‬                             ‫‪ -‬بنية الأحلام والكوابيس‪.‬‬
                                                                    ‫‪ -‬بنية الوهم والشيزوفرينيا‪.‬‬
    ‫كسر الحائط الرابع)‪ ،‬حيث إنه ‪-‬على فترات‬              ‫‪ -‬السخرية من العالم‪ :‬المفارقة والكوميديا‪.‬‬
‫متقطعة من مساحة النصوص‪ -‬يقطع على القارئ‬
                                                                  ‫أو ًل‪ :‬تيار العبث‬
    ‫استرساله في ذلك العالم المتنوع وينبهه (ربما‬
   ‫يزجره) أننا نكتب قص ًصا! ومن هذه الشواهد‬               ‫كلما كنت أتنقل بين سطور المجموعة‪ ،‬كانت‬
                                                       ‫تتداعي أمامي بعض الصور الأسطورية ومعها‬
                                        ‫التالية‪:‬‬     ‫بعض تراجيديات اليونان القديم‪ ،‬ثم صوت مؤلف‬
‫«قصتي تحولت إلى ضفدع‪ ،‬لا غرابة‪ ،‬فكثي ًرا ما‬          ‫سفر الجامعة يردد‪« :‬الكل باطل وقبض الريح‪..‬‬

          ‫تحولت قصصي إلى كائنات» (ص‪.)7‬‬                                     ‫لا منفعة تحت الشمس»‪.‬‬
 ‫«لم أنتبه إلى أنها كانت محض قصة» (ص‪.)8‬‬                  ‫وتيار العبث «مذهب أدبي يستخدم في الشعر‬
                                                         ‫والمسرح والسرد القصصي‪ ،‬في الأعمال التي‬
   ‫«كانت قصتي تتسع اتسا ًعا كبي ًرا» (ص‪.)11‬‬           ‫تركز على تجارب الشخصيات في الأوضاع التي‬
  ‫«أنا جسر خشبي‪ ،‬لم يكن ذلك في الواقع إنما‬           ‫لا يستطيعون فيها إيجاد هدف أصيل في حياتهم‪،‬‬
                                                        ‫وهي الأوضاع التي تتمثل في أحداث وأفعال لا‬
                     ‫كان في أحلامي» (ص‪.)39‬‬              ‫معنى لها مطل ًقا»‪ .‬وقد تأثر هذا التيار بحركات‬
     ‫«لم يكن بالحكاية كلب‪ ..‬فالكلاب لا تتكلم‬           ‫الفلسفة «الوجودية» و»الدادية» و»العدمية»‪،‬‬
   ‫أو تتكلم في قصص أخرى غير قصتنا هذه»‬                 ‫إلى جانب تأثره بالحركة «السيريالية» في الفن‬

                                      ‫(ص‪)95‬‬                                               ‫والأدب(‪.)6‬‬
   ‫«وأنتم تعرفون السبب (أن قصتنا كما ورد‬                        ‫ومن أبرز سمات مذهب العبث ما يلي‪:‬‬
                                                           ‫‪ -1‬استخدام‪ :‬السخرية والكوميديا السوداء‬
       ‫مسب ًقا ليست ميتافيزيقية لا تتكلم فيها‬            ‫والتناقضات وتحقير المنطق والاحتفاء بالهباء‬
                            ‫الكلاب)» (ص‪.)96‬‬
                                                                    ‫(اللاشىء)‪ ،‬واللاأدرية والعدمية‪.‬‬
      ‫«تهامست الكلاب (سامحوني فهذا مقطع‬                  ‫‪ -2‬عدم الحكم على الشخصيات وترك المهمة‬
        ‫ميتافيزيقي أنا مضطر إليه)» (ص‪)97‬‬
                                                              ‫للقارئ؛ فالمغزى «الأخلاقي» غير محدد‪.‬‬
      ‫‪ -‬يجعل القارئ يتوهم أنه قبض على النص‬            ‫‪ -3‬موضوعات التيار العبثي وشخصياته تتسم‬
      ‫وأمسك بزمامه بعد عناء قليل أو كثير‪ ،‬لكن‬
 ‫القارئ في النهاية يجد قبضته فارغة‪ ،‬فيبحث عن‬                                  ‫بالغموض في طبيعتها‪.‬‬
‫الموضوع أو الرسالة أو المضمون‪ ،‬فلا يجد إلا اللا‬         ‫‪ -4‬التيار العبثي لا يتبع البناء التقليدي للأدب‬
 ‫جدوى والعبث‪ .‬المثال‪ :‬قصة (الطرف الآخر من‬
                                                                             ‫(عدم وجود حبكة)(‪.)7‬‬
                                       ‫الحبل)‬             ‫تجليات العبث في (شفرة اختفاء بطوط)‪:‬‬
     ‫‪ -‬الاحتفاء بكل ما هو «تافه» وتضخيمه‪ ،‬من‬         ‫تتبدى تجليات العبث ‪-‬باعتباره مذهبًا أدبيًّا‪ -‬في‬
  ‫خلال شخوص القصة‪ .‬المثال‪ :‬قصتا‪( :‬أوسكار)‬
                                                                            ‫عدة بنى وتقنيات أهمها‪:‬‬
                   ‫و(الرابع من آل الدخاخني)‪.‬‬           ‫‪ -‬السارد لا يضع خطو ًطا فاصلة واضحة بين‬
  ‫‪ -‬لعبة التقمص والأحلام والكوابيس‪ ،‬وأمثلتها‪:‬‬        ‫ما هو (واقعي) وما هو (خيالي) وما هو (وهمي)‬
   ‫(القصة التي تحولت إلى ضفدع)‪( ،‬البارمان‬            ‫(‪ ،)8‬لكنه ينساب بنعومة فائقة بين هذه الحالات‪/‬‬
‫يقرأ الأوديسا)‪( ،‬لعبة كيكي)‪( ،‬جسر خشبي)‪،‬‬
                                                           ‫العوالم المتضادة‪ ،‬فيقدم لنا الوهم باعتباره‬
          ‫(ربع دستة أشرار‪ :‬وسادة شريرة)‪.‬‬
             ‫‪ -‬لعبة الوهم والشيزوفرينيا‪ :‬قصتا‬

          ‫(بابادوبولوس) و(أنا شبيح المرايا)‪.‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43