Page 40 - m
P. 40

‫ثالثا‪ :‬التحولات‬                                ‫يمكن تأويل ظاهرة التطابق‬
 ‫(ميتامورفوزس) وأنسنة‬                            ‫بين المؤلف والسارد في مجموعة‬
‫الكائنات (أنثروبومورفيزم)‬

‫من أبرز الموضوعات التي تتصل‬                      ‫(شفرة اختطاف بطوط) بناء على‬

‫على نحو ما بالعجائبي وبالواقعية‬                  ‫تحليل المضامين والأشكال والبنى‬
    ‫السحرية‪ ،‬موضوع ذو أصل‬
                                         ‫والتقنيات‪ ..‬فالمجموعة تعكس نو ًعا‬
‫أسطوري بارز‪ ،‬وهو موضوع‬

‫مزدوج ذو شقين متقابلين‪ ،‬أولهما‬                   ‫من الكتابة الخاصة التي تخرج عن‬
    ‫موضوع (التحولات) والثاني‬
                                         ‫السرد التقليدي‪ ،‬بل وعن أشكال أخرى‬
‫موضوع (أنسنة الكائنات)‪.‬‬

‫وفكرة التحولات (ميتامورفوزس)‬                     ‫متقدمة من الكتابة السردية؛ كتابة‬
    ‫ترجع إلى أحد الأنواع الشهيرة‬
                                         ‫تحمل رؤية فلسفية خاصة تتمرد على‬
‫للأساطير وتسمى «أساطير‬

‫التحول» وهي «فئة من الأساطير‬             ‫واقع الحياة‪ ،‬وبالمثل على واقع الفن‪،‬‬
‫الدرامية المعقدة إلى حد بعيد والتي‬
                                                 ‫وأقصد بها تيار العبث ‪.Absurdism‬‬
‫تخبرنا عن التغيرات الجذرية في‬

‫بنية العالم وفي النموذج الوجودي‬

‫للإنسان»(‪ .)11‬وهي تشيع بشكل أكبر‬

‫في الميثولوجيا اليونانية‪ ،‬وأبرز أمثلتها‬

‫(أسطورة نارسيوس وإيكو)‬

‫(‪ .)12‬وفيها يتم التحول من الحالة‬

‫الإنسانية إلى حالات أخرى مغايرة‪ :‬حيوان‪ ،‬جماد‪..‬‬                              ‫والعمارات» (ص‪.)42‬‬
‫إلخ‪ .‬ولا يقتصر نموذج التحولات على الأساطير‪ ،‬بل‬      ‫‪« -‬رجل أنيق‪ ..‬عن شماله ثلاثة أنهر‪ :‬نهر لبن‬
 ‫إنه يعد عقيدة أساسية في بعض الديانات الوضعية‬        ‫ونهر خمر ونهر عسل مصفى‪ ..‬عنقه مستقيم‪،‬‬
                                                    ‫يستطيل لأعلى وعيناه مفعمتان بالتحقق‪ ،‬تمتد‬
    ‫(خاصة البوذية)‪ ،‬ويتمثل نموذجها الأشهر في‬         ‫ذراعه فيمسك بالطير السابحات‪ ،‬يحملها على‬
    ‫بعض حالات التناسخ ‪ Incarnation‬على تعدد‬        ‫كفه كقديس يوشوشها‪ ..‬خطوة واحدة تنقله من‬
                                                   ‫شارع إلى شارع ومن بلد إلى بلد» (ص‪.)73-72‬‬
                                     ‫مستوياتها‪.‬‬    ‫‪« -‬قبل أن يدخل‪ ،‬خرج من حديقة البيت وحش‬
    ‫أما فكرة أنسنة الكائنات (أنثروبومورفيزم)‪،‬‬        ‫رهيب زأر وكشر عن أنيابه‪ ،‬خرج إلى الشارع‬
‫فهي عملية عكسية يتم فيها إسقاط الحالة الإنسانية‬      ‫يطارد الجميع‪ ،‬يطارد أمانيهم‪ ،‬يدوس بقدميه‬
 ‫على كائنات «عبر إنسانية» تمارس أفعال الإنسان‬    ‫حكاياهم‪ ،‬فيما كان عجوز يقهقه‪ ،‬يحاول ترويضه‬

        ‫وأحاسيسه وانفعالاته‪ ،‬سواء كانت كائنات‬    ‫ويقهقه‪ ،‬هذا لأنه الوحيد الذي كان يعرف أنه‬
  ‫«روحية» (كتجسيد الآلهة في الأساطير) أو كانت‬
‫كائنات أخرى وبذلك فإن الإنسان يعد هو «محور»‬

‫هذه الفكرة يتم التحول (منه) و(إليه)‪.‬‬             ‫وحش من ورق‪( »..‬ص‪.)85‬‬

‫وأبرز الشواهد على هذه التقنية من مجموعة‬          ‫‪ -‬قصة (حكاية جثة‪ :‬المقطع الأخير «لعبة الروح‬

‫(شفرة اختطاف بطوط) ما يلي‪:‬‬                       ‫والجسد»‪ :‬يحكي عن أشباح القتلى ويشير إلى ما‬

‫نماذج التحولات‪:‬‬

‫يشبه «حكايات الأولياء» في التراث الديني (ص‪ - .)102‬قصة تتحول إلى بقرة‪ ،‬ثم تعود إلى عمود دخان‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45