Page 45 - m
P. 45
43 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.زينب العسال
حاتم رضوان..
عندما تضيء الرتينة القديمة
حياة البشر!
يمثل الاختفاء واحدة من أهم الثيمات التي تتلاءم مع العتمة
والضبابية ،فالكثير من القصص تقوم على فكرة الاختفاء والتواري
كاختفاء الزوج طواعية ،بإرادته ،لتغيير نمط حياته ،أو اختفاء الجد
الذي أراد أن يحيا مع ذكرياته القديمة ،فذهب إلى شقته أيام الدراسة
الجامعية ،أو الشاب الذي ترك قريته ،أثر قصة حب فاشلة ،فبحث
عن مكان آخر ،ليبدأ حياة جديدة لا يعرفه أحد فيها ،كما يهيمن الموت
على العديد من القصص سواء كان مو ًتا حقيق ًّيا وجود ًّيا ،أو مو ًتا
معنو ًّيا ،أو مو ًتا للأفكار والرؤى.
بالضباب ،ثم فتحتها فإذا بالضباب قد صار «مثل رتينة كلوب قديمة» ،عبارة سمعتها من
دودة ،وأغلقت يدى وفتحتها للمرة الثالثة ،فإذا في
راحتها رجل حزين الوجه ينظر إلى العلاء .وأغلقت جدتي في منتصف الستينيات ،حينما نقلت مقابر
يدى للمرة الرابعة ،وعندما فتحتها لم أر فيها غير الأسرة في باب الوزير إلى البساتين ،وقفت جدتي
تشرف على نقل رفات موتى الأسرة من المقبرة إلى
الضباب ..ولكننى سمعت أغنية بالغة الحلاوة». سيارة الإسعاف ،لاحظت أن أجساد الموتى كانت
الكلمات تذكرني برائعة جبران التي شدت بها تحتفظ بليونتها وهيئتها لحظة دفنها ،وبعد ساعات
فيروز: قليلة من تعرضها للهواء ،صارت الأجساد مثل
أعطنى الناى وغنى ..فالغنا سر الوجود ،وأنين رتينة الكلوب!
الناي يبقى ،بعد أن يفنى الوجود. ترى لماذا اختار حاتم رضوان عنوان مجموعته
مثل رتينة كلوب قديم عنوان المجموعة ،وعنوان القصصية الجديدة «مثل رتينة كلوب قديمة» ،والتي
إحدى قصصها ،عنوان يجمع المتناقضات ،فالرتينة
ينبعث منها ضوء يكشف الأشياء ،والكلوب هو أهداها إلى ابن مدينته الجميلة «وعاشقها صاحب
الآلة مصدر الضوء ،والرتينة هي الجزء الدقيق حكايات السيدة بنها صديقي فؤاد مرسي».
الذي يحدد الضوء ومساره ،لكن هذه الرتينة لفتة جميلة أن يهدي مبدع عمله القصصي لمبدع
قديمة ،والقدم هنا يعني أنها لم تعد تصلح لأداء من بلدته.
مهمتها ،فهل انتشرت العتمة؟ تتصدر المجموعة عبارة لجبران «ملأت يدي مرة