Page 50 - m
P. 50
العـدد 60 48
ديسمبر ٢٠٢3
أنه فقد حريته ،عم حسين «خادم المسجد» يمسك في موجات هادرة ،يستعيد دوي أصواتهم تزلزل
بأجنة لفتح باب الغرفة الملحقة بالجامع القديم «باب الأرض تحت قدميه ،المشاهد المتقابلة بين الداخل
والخارج لتصوير ما يموج به الميدان من مظاهرات،
أغلق على أسرار هذا الولي الشيخ منصور الذي بينما ينتقل إلى داخل عربة الشرطة /الترحيلات»
يكن له أهل المدينة كل التقدير والاحترام ،يرددون من هم ،وأين كانوا ،وأي عبارات كانوا يهتفون بها؟
كراماته جي ًل بعد جيل ،يحاولون اقتحام الغرفة،
لكن الحائط حول محيط باب الغرفة يستعصى على وأى مطالب أرادوا تحقيقها؟
الفتح ،تعزي ًزا لفكرة أن للرجل كرامات ،ويأبى ترك هذا الجو العام يعقبه تفاصيل ومنمنمات دقيقة،
غرفته ،حينما فتح الباب تزاحم الجميع بالفضول هذه تقنية السينما ،وتحريك الكادر وتنوعه ،من
لمشاهدة المعجزة الممددة داخل الغرفة» ،فالاقتحام كادر عام إلي استخدام تقنية الزوم ،ثم التحليق
هنا عزز فكرة أن الشيخ صاحب كرامات. فوق الموقع ،وهو ما يطلق عليه نظرة الطائر.
في قصة «نتيجة حائط لعام »81تتضاءل الشخصية يمثل الاختفاء واحدة من أهم الثيمات التي تتلاءم
مع العتمة والضبابية ،فالكثير من القصص تقوم
الواقفة أمام باب المبنى المهيب ،وأبراج المراقبة
والحراسة ،أوقفوه عند بوابة المبنى المصفحة، على فكرة الاختفاء والتواري كاختفاء الزوج
حينما عبر البوابة ،أخذوا منه بطاقته الشخصية، طواعية ،بإرادته ،لتغيير نمط حياته ،أو اختفاء الجد
هنا يتعرض لفقدان هويته ،يسير فى ممرات يبدو
له المكان موح ًشا ،يشعر بأنه في خطر ،ترى :ماذا الذي أراد أن يحيا مع ذكرياته القديمة ،فذهب إلى
ارتكب؟ هل نصب له فخ؟ تتداعي قصص وصور شقته أيام الدراسة الجامعية ،أو الشاب الذي ترك
التعذيب ،ويجثم مشهد المحقق والشاب والضوء قريته ،أثر قصة حب فاشلة ،فبحث عن مكان آخر،
الشحيح المنبعث من مصباح في سقف عال. ليبدأ حياة جديدة لا يعرفه أحد فيها ،كما يهيمن
وفي قصة «الخروج على السطر» يدلف السارد الموت على العديد من القصص سواء كان مو ًتا
إلى كافتيريا ستلا ،فيشعر بانفصاله عن العالم
الخارجي ،تساءل :لماذا معظم البارات شبه مظلمة حقيقيًّا وجود ًّيا ،أو مو ًتا معنو ًّيا ،أو مو ًتا للأفكار
والرؤى.
ومنزوية في شوارع أو ممرات ضيقة؟ حتى
المترددين على هذه الأماكن لا شك أنهم مختلفون، اعتمدت القصص على تفتيت الزمن عبر الارتدادات
والتذكر والحوارات الداخلية ،مما جعل السرد يتخذ
حتى عندما يدفع السارد الباب يشعر وكأن يده شكل المنحنيات السردية ،من خلال تضفير المتخيل
ليست جز ًءا من جسده ،فالاغتراب النفسى ينعكس
على الجسد والشعور ،الذي يختلط فيه أزيز الباب الذي يصل حد الغرائبي ،مع الواقعي.
اتخذ حاتم رضوان من الأبواب والنوافذ دلالة
بصوت ضربات قلبه. رمزية «شباك صغير مسلح بقضبان حديدية» في
إن رمزية «الرتينة القديمة» ترين على قصص قصة «قصر يحيطه الفراغ» يفصل بين عالمين ،عالم
المجموعة ،حيث الزمن الماضى يستعاد ،وكأنه الملاذ الحرية وعالم المجهول ،عالم ضبابي داخل العربة،
الآمن ،لما تعانيه شخصيات المجموعة. يعكس الهواجس والكوابيس.
تقع غالبية القصص -إن لم تكن كلها -بين النافذة في قصة «نار خلف النافذة» تهيج مشاعر
منطقة حائرة تقف على مسافة بين الوهم والواقع، الشاب ،وتلهب مخيلته ،فيظن أن هناك شابة جميلة
تشاغله ،كما يحمل الباب معاني الحماية والوحدة
مستعينًا -كما سبق القول -بالغرائبي. والانفصال عن الآخرين ،حاج ًزا بين عالمين داخلي
أبطال القصص لا أسماء لهم في إشارة إلى أن وخارجي ،يشيع الشباك الصغير-الذي يتسرب
الإنسان يحمل الهموم والمعاناة أينما كان في موطنه
أو وطنه أو أي بقعة في هذا العالم ،إنه بؤرة الضوء منه ضوء شحيح -الرعب والخوف في نفس
الشاب ،كما في قصة «نتيجة حائط لعام ،»81وكسر
في هذه المجموعة
الحواجز عند انفتاح الشباك ،كما في قصة «قصر
يحيطه الفراغ» ،فأزيز الباب الحديدي المغلق يؤكد