Page 58 - m
P. 58

‫العـدد ‪60‬‬                                              ‫‪56‬‬

                                                                                                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

                                                 ‫د‪.‬أحمد زياد محبك‬

                                                                             ‫(سوريا)‬

        ‫جماليات قصيدة الومضة‬

             ‫في الصوت النسائي‬

‫مجموعة «للبحر نوافذ» أنموذ ًجا‬

   ‫يحمل لفظ بيت بصيغة التنكير إيحاءات أوسع من دلالة البيت‪ ،‬الذي هو بيت‬
  ‫الأسرة‪ ،‬فقد يعني المجتمع كله‪ ،‬مثلما يعني أي ًضا الأسرة‪ ،‬وهي الوحدة الأولى‬

     ‫في المجتمع التي منها يتكون المجتمع كله‪ ،‬ومن المؤلم أن في هذا المجتمع‬
   ‫نوافذ‪ ،‬أي طاقات وإمكانات يمكن من خلالها الإطلال على المستقبل‪ ،‬ولكن هذه‬
    ‫النوافذ بكل إيحاءاتها مغلقة‪ ،‬وهنا يبدو التوتر حا ًّدا بين امرأة تفتح نوافذها‪،‬‬

       ‫ومجتمع يغلق نوافذه‪ ،‬فهو دليل تناقض كبير بين الفرد والمجتمع‪ ،‬ودليل‬
   ‫صراع‪ ،‬وقد تكون نتيجته مأسوية‪ ،‬لأن فر ًدا واح ًدا لا يستطيع فعل شيء‪ ،‬كما‬

                                                       ‫أن نافذة واحدة لا تكفي!‬

 ‫يصنف تحته ما يكتب‪ ،‬ولكن للناقد أي ًضا الحق في‬          ‫هل تمتلك قصيدة الومضة عند المرأة خصوصية‬
   ‫التصنيف‪ ،‬وما تتضمنه صفحات الكتاب ينتمي‬
                                                          ‫تميزها؟ وهل مرجع هذا التميز إلى البناء أم هل‬
 ‫أكثره إلى قصيدة النثر‪ ،‬وينتمي بع ُضه إلى قصيدة‬        ‫مرجعه إلى التجربة؟ وما سر إقبال المرأة على كتابة‬
  ‫الومضة‪ ،‬والمؤلفة لم تصنف كتابتها تحت أي من‬           ‫قصيدة النثر‪ ،‬ولا سيما قصيدة الومضة؟ ستحاول‬
 ‫هذين النوعين‪ ،‬إما لأنها ترفض هذين النوعين من‬          ‫هذه المقالة الإجابة عن بعض هذه الأسئلة من خلال‬
‫الأدب‪ ،‬أو لأنها لا تريد أن ُي َقيم كتا ُبها وفق مفهوم‬  ‫مراجعة نقدية لقصائد الومضة في مجموعة شعرية‬
                                                       ‫عنوانها‪« :‬للبحر نوافذ»‪ ،‬للأديبة جمانة طه‪ ،‬صدرت‬
                ‫قصيدة النثر أو قصيدة الومضة‪.‬‬            ‫في دمشق عن دار كنانة عام ‪ ،2023‬وقد تضمنت‬
 ‫ولفظ «نصوص» في العنوان الفرعي لا يحمل غير‬
  ‫معناه العام‪ ،‬وهو «الكلمات المطبوعة أو المخطوطة‬          ‫قس ًطا واف ًرا من قصائد النثر وقصائد الومضة‪.‬‬
‫التي يتألف منها الأثر الأدبي»(‪ ،)1‬و ُيراد منه التحرر‬
                                                                 ‫تعريف بالمجموعة‬
   ‫من أي تسمية اصطلاحية أخرى‪ ،‬وهو نوع من‬
 ‫الهرب من الأعراف والمصطلحات الأدبية والنقدية‬               ‫«للبحر نوافذ» هو العنوان الرئيس للمجموعة‪،‬‬
‫أو التمرد عليها‪ ،‬كذلك لا تحمل كلمة «شذرات» غير‬            ‫وتحت العنوان الرئيس عنوان فرعي‪« :‬نصوص‬
  ‫دلالتها اللغوية العامة‪ ،‬بمعنى النصوص المتفرقة‬            ‫وش َذرات»‪ ،‬ويحق للمؤلف أن يحدد النوع الذي‬

                                  ‫غير المنتظمة‪.‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63