Page 61 - m
P. 61
59 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
ومن التقرير والمباشرة
الومضة الآتية« :على
مدى بصري /نافذة
مكبلة بالحديد /أحسست
بتوقها إلى الحرية/
فحزنت» (ص ،)147ولو
أن الومضة انتهت عند:
مكبلة الحديد ،لكانت
شديدة الإيحاء ،ولكنها
أضافت :أحسست بتوقها
إلى الحرية /فحزن ُت ،ففي
هاتين الجملتين تحدي ٌد
للشعور ،وتسمي ٌة له،
وتعلي ٌق عليه ،ولم تترك
الومضة للقارئ أن يتخيل،
إدموند بيرك جمانة طه ت .س .إليوت وأن يكمل اللوحة بنفسه،
فلعله يلع ُن السجان ،أو
صان َع الحديد ،أو يقول
لا يتفق وذوقه أو رأيه أو ِق َي َمه ،والومضة بو ٌح سأكسر الحديد ،لقد انتهت اللوحة بما هو محدد،
مباشر ،واعتراف ،تسمي الأشياء بأسمائها ،وتحدد
وغابت عنها حرية التخيل.
الانفعال ،وتسميه ،فهي معذبة ،ولا تدل عليه
بصورة حسية. لقد بنيت بعض الومضات السابقة على التعبير
ويؤكد والتر ستيس أهمية اندماج الفكرة في النص، الصريح ،وتحديد الشعور وتسميته ،وكان الأحرى
لا أن تطفو على السطح ،فيقول(« :)5نجد أن التصور
أن يظل الشعور مخفيًّا تحت المشهد ،وعندئذ يفسح
العقلي لا بد أن يذوب في الإدراك الحسي ،بطريقة المجال للمتلقي لكي يفهم اللوحة كما يشاء ،ويعلق
خاصة ،وأنه لا بد أن يختفي فيه ،ولكي يظهر
هو على اللوحة ،ويقول ما يريد.
الجمال لا بد أن تكون العلاقة بين هذين الجانبين
علاقة عضوية ..التجريدات الخالصة ليست جميلة». ويؤكد الدكتور شاكر مطلق أهمية اختفاء الفكرة
ومن الومضات الذاتية المؤلمة« :شجرة /تناظرني/
تحت المشهد من دون تصريح بها فيقول(« :)3على
خريفها /غطاني» (ص )144وهنا يبدو تأثر
المرأة بالطبيعة ،وهي ترى في الطبيعة ،على طريقة قصيدة الهايكو الجيدة ،غالبًا ،أن تقدم إلى جانب
الرومنسيين ،ما يعبر عن ذاتها الحزينة ،ولكنها لو الصورة المثيرة الظاهرة للعيان ،معنًى خفيًّا عمي ًقا
قالت :غطانا م ًعا ،لكان تعبيرها أكثر جما ًل ،لأنه أو أكثر ،وراء السطور».
يدل على حالة مشاركة مع الطبيعة وتوحد ،وما وليست القيمة في الفن للفكرة ،إنما القيمة للتعبير
الشجرة المذكورة في بدء الومضة في الحقيقة إلا
الذي يعبر عن الفكرة بصورة غير مباشرة ،يقول
معادل موضوعي للمرأة نفسها.
وعن المعادل الموضوعي The Objective سانتيانا(« :)4ليس الموضوع هنا هو الذي يخلع
Correlativeيقول إليوت(« :)6إن السبيل الوحيد
للتعبير عن الوجدان في الفن هو إيجاد معادل قيمة على الانطباع الحسي ،بل الانطباع الحسي هو
الذي يخلع قيمة على الموضوع».
وبعض الومضات تعتمد على المباشرة والتقرير،
وعمادها اللغة العادية ،ومن ذلك« :روحي معذبة/
مجبرة /أن ترى ما لا تحب» (ص )146وهذه
هي حقيقة الاغتراب ،إذ يشعر المرء بأن ما حوله